** تداول بعضُ المهتمين شريطًا مصورًا للشيخِ الوجيه عبدالرحمن العبدالعزيز الزامل السُّلَيم (حفيد الأمير الفارس الشاعر زامل العبدالله 1243- 1308هـ) وهو يتحدثُ قبل أكثر من أربعين عامًا للإذاعي الأستاذ علي داوُد عن تأريخِ عنيزة، وحرصَ صاحبكم حين زار مزرعة الغبية التي أُجري فيها الحوارُ على معرفة موقعه داخل المزرعة فلم يجده وأحاط بمعلومةٍ أخرى وهي أن الشابَّ الذي لم تُظهره «الكاميرا» حينها وكان يصبُّ الشاي الذي رأينا الضيف والمضيف يرتشفانه- على غير العادة في اللقاءات الإعلامية - هو الشيخُ حاليًا: عبدالله العبدالرحمن العبدالعزيز الزامل السُّليم، ويعرفه أهل مدينته بأبي نجم.
** نجمٌ مجتمعيٌ يمثل قيم الإيثار لا الاستئثار والوفاء لا الاستيفاء والإفادة لا الاستفادة؛ فيُرى معنيًا بشؤون ناسه لا نفسه (وخيركم خيركم لأهله) نائيًا عن الوجاهة الشكليةِ ومعتذرًا عن محاولات تكريمه على مستوى مدينته التي اعتادت الاحتفاء بشخصيةٍ مجتمعيةٍ كلَّ عام،وكذا هم الكبارُ لا ينتظرون شكرًا؛ فوحيُ الضمير يملى وعطاءُ القديرِ يتوارى وعهدناه مكرِّمًا لا مكرَّما.
** لكل مدينةٍ وقريةٍ ومركزٍ نجومُها الساعون في شؤونها العامة؛ فالرسميون لا يكفون والأهالي لا يكتفون، ودور هؤلاءِ إسناديٌ يسدُّ ثغرةً ويعلي بناءً ويعزز مطالبةً،وحكاياتهم قديمًا وحديثًا مشهودة وأدوارهم منشودةٌ تحت مظلة الوطن الذي لا يسعى فيه جزءٌ لغلبةٍ على جزءٍ ولا تتعثر فيه حقوقُ فئامٍ لعلوِّ صوتِ أو رفعةِ صيتِ فئام.
** أبو نجم واحدٌ من هؤلاء؛ لا يُعلن عن ذاتِه ولا تعنيه أحوالُه؛ فلم يُعهد باحثًا عن موقعٍ وظيفي أو اجتماعيٍ ولا يُهمه أين يجد كرسيَّه في المناسباتِ أو بين المنتدين، ولا تكاد تجد وقتًا لديه فهو المرتحل بين المكاتب والمستضيف للمسؤولين بحثًا عن وثيقةٍ ودفاعًا عن حقيقة واقتناعًا بمشروع واقتراحًا لتشريع.
** تُقال حوله وعنه حكاياتٌ كثيرة، وربما كان صاحبكم أقلَّ الناس معرفةً به، ولم يغشَ مجلسه في مزرعته إلا مرةً يتيمةً لم تتعدَّ ساعةً من ضحى خميس، ولعل الأقربين من دائرته يسعون لرصدِ تجربته الاجتماعية على مدى عقودٍ، وربما قادنا هذا لتوثيق حراكٍ مهمٍ عن الفاعلين من رموز الوطن الذين سبقوا مأسسة المجتمع المدنيِّ وتفوقوا على مؤسساته.
** يبدو ما لا نقرأُه أهمَّ مما تتناوله وسائط الإعلام والتواصل؛فالباحثون عن الضوء ومن يبحث عنهم الضوءُ لا يحتاجون إلى مزيد، و»الظِلِّيّون» الصادقون العاملون بوحيٍ من ضمائرهم اليقظةِ هم الأحقُّ؛ فقد احتملوا نصبَ السعي ولم ينلهم منصبُ الوجاهة، وبرئوا من رياءٍ وسمعةٍ ونفاقٍ وارتزاق.
** نعود إلى أبي نجم؛ فحِمى الغضا هاجسُه على مدى عقود ، وبيتُه موئلُ الزائرين ، وحرصه على غدِ مدينته وصحة بيئته وتحاملُه على أعباءِ العمر والوهن إشاراتٌ لا تفيها عبارات ، ومن أحب أرضه قضى فرضه واحتمى بذرى الوطن.
** الحبُّ قلب.