من المؤسف أن الكثير من المشاكل التي تستهلك أوقاتنا وطاقاتنا في هذا المجتمع هي أمور عادية في باقي مجتمعات الدنيا. نحن نناقش مسائل عادية كبُرت مع الزمن وتحولت إلى معضلات بينما هي في حقيقتها لا تستحق أي نقاش!
خذ على سبيل المثال مشكلة إنقاذ الطالبات (والنساء عموماً) في أوقات الكوارث مثل نشوب حرائق في المجمعات النسائية أو حوادث الغرق عند هطول الأمطار وارتفاع منسوب المياه في السيول والأودية. ما زلنا نقف حائرين كيف نتعامل مع قضايا إسعافية تحدث كل يوم في العالم ويتم التعامل معها وفق إجراءات واضحة وجاهزة بينما نهدر أوقاتاً حرجة وثمينة أمام كل حالة بانتظار أن يجتهد شخصٌ ما ويدلنا كيف نتعامل مع كل موقف على حدة وكأن أرواح بناتنا ونسائنا لا قيمة لها!!
وقد كانت جلسة الشورى المنعقدة يوم الاثنين الماضي فرصة مناسبة لكي تطرح اثنتان من عضوات مجلس الشورى هذه القضية من جديد وذلك على هامش مناقشة التقرير السنوي لهيئة الهلال الأحمر للعام 1434- 1435هـ.
كانت الدكتورة هدى الحليسي على حق عندما تساءلت:» هل يُعقل أننا ما زلنا نناقش موضوع السماح بدخول فرق الإسعاف للمجمعات النسائية ونحن في عام 2014 من القرن الحادي والعشرين؟». كما كانت الدكتورة حنان الأحمدي على حق أيضاً عندما تساءلت عن أولئك الذين لا يقيمون وزناً لحياة النساء وأرواحهن وطالبت بوضع حد للتهاون الذي يتعامل به البعض مع الحالات الإسعافية النسائية.
تحدثت العضوتان عن هذه المأساة التي ليس لها مبرر وأعادتا إلى الذاكرة فاجعة حريق مدرسة مكة المكرمة ووفاة إحدى طالبات جامعة الملك سعود وطالبة جامعة نجران التي أصيبت بغيبوبة السكري. في كل تلك الحالات، وفي حالات أخرى مشابهة، كانت المشكلة هي عدم وضوح الموقف تجاه مباشرة الرجال للحالات الإسعافية وكيفية نقل المصابات في سيارات الإسعاف.
دائماً هناك شماعة «الاجتهادات والأخطاء الفردية»، فعندما سألتْ لجنةُ الشؤون الصحية والبيئة في مجلس الشورى هيئةَ الهلال الأحمر السعودي عن سبب عدم وضع آليات عمل واضحة في مثل تلك الحالات الإسعافية كانت إجابة الهيئة أن هناك ضوابط تراعي الجوانب الشرعية لكن المشكلة هي وجود «الأخطاء والاجتهادات الشخصية التي قد تحدث من قبل المشرفين على المجمعات النسائية وغيرها».
ما فائدة تلك الضوابط، إذن؟ ولماذا سمحنا بوجود بيئة تسمح لأصحاب الاجتهادات الشخصية أن يتحكموا في حياتنا وفي أرواح بناتنا ونسائنا؟
من المؤسف أن هذه الأسئلة نفسها ستُطرح في مجلس الشورى العام القادم عند مناقشة تقرير هيئة الهلال الأحمر السعودي للعام 1435- 1436هـ!!