أصبحت حسابات مواقع التواصل الاجتماعي سمة العصر المميزة، لاسيما ونحن نعيش واقعاً سياسياً راهناً، يستخدم الآلة الإعلامية الخادعة، والمشوهة للحقائق، وذلك بما يتناسب مع المستوى الثقافي، والتعليمي للجماهير؛ حتى يثير فيهم انجذاباً لتلك الجماعات الإرهابية، فيتأثروا نفسياً، وفكرياً، ومعنوياً بمحتواها. ومن ذلك على سبيل المثال: ما تم رصده على مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حول حساب يحمل اسم: «ويكيليكس دولة البغدادي»، يثير مزاعم حول وجود مجاميع بشرية متعاطفة مع تنظيم «داعش».
إشكالية هكذا حسابات، أنها تحاكي فئة الشباب المستهدف بعناية، وحرفية؛ لتحقيق الغايات الإستراتيجية.
ويبقى إتقان مهارات الإقناع أسلوباً مهماً في تغيير السلوك، أو الاتجاه لدى الأفراد، والتأثير على معنوياتهم، والاستسلام للطرف الآخر. فالانحراف الفكري يبدأ من مضمونه الفكري، والنفسي؛ حتى ينتهي به إلى الإقناع الفكري؛ ليكون من نتائجه تشويه التتابع المنطقي، وذلك عندما يتم التلاعب بعواطف المتابع، والعمل على التأثير به في اتجاهاته، وآرائه، ومن ثم سلوكه.
يسعى تنظيم داعش إلى تنفيذ إستراتيجياته التي ينتهجها، من خلال استهداف جمهور الشباب، وكسب اهتمامه، وحشد تأييده لإحداث الأثر الفكري المنحرف، الذي قد يغير من النمطية الذهنية الموجودة في نفوس بعضهم، عبر رفع الشعارات البراقة، وترديد بعض الكلمات الرنانة، ولا بأس باللجوء إلى الاختلاق، وتغيير الحقائق، ووضع ثوابت مضللة؛ حتى تتحول الهزيمة من هزيمة تكتيكية إلى هزيمة إستراتيجية.
على أية حال، فإن الأوهام قد تبددت سريعاً، وذلك أن خلق وعي أمني من المخاطر، والتهديدات المختلفة لدى جمهور الشباب، وقراءة البنية الإستراتيجية، سيبقيان مطلبان مهمان في تحقيق نهضة فكرية حقيقية في العقل الجمعي، -خصوصاً- العقل الشبابي، الذي هو مادة التغيير في العالم.
فحجم التحول الهائل في المنطقة، يدفعنا إلى مراجعة كسب الفئة العمرية الشبابية، والبعد عن سياسات رد الفعل في مواجهة مواقع التواصل الاجتماعي المضادة.