قبل أيام، كتبت مقالا بعنوان: «أمريكا في مواجهة داعش»، وكان ذلك بعد أن ذبح التنظيم اثنين من المواطنين الأمريكيين، ولكن ما حدث بعد ذلك هو أن الرئيس أوباما رأى أن تكون مواجهة التنظيم عالمية، فاستطاعت زعيمة العالم الحر أن تحشد تحالفا دولياً كبيراً، وتشير الأخبار الواردة إلى أن هناك توجها لطرح موضوع مواجهة داعش أمام الأمم المتحدة، وتذكرنا التحركات التي تجري هذه الأيام بما حدث في العام 1990، وذلك عندما تم حشد دولي لطرد صدام حسين من الكويت، بل ربما أن هذا التحالف الجديد ضد داعش أكثر قوة، ومتانة، ودعما شعبيا من ذلك التحالف القديم.
تظل التساؤلات تترى، فمن صنع داعش؟، ومن سمح لها بالتمدد في سوريا لمدة طويلة؟، ولماذا هرب الجيش العراقي من أمامها؟، وكيف احتلت مدينة ضخمة، مثل الموصل، خلال فترة وجيزة؟، وأين كانت الميليشيات العراقية، مثل جيش المهدي، خلال توسع داعش في داخل العراق؟، وهل تحركت أمريكا، وحركت العالم معها للقضاء على داعش، أو للانتقام من مقتل المواطنين الأمريكيين؟، ثم يأتي السؤال المهم: «هل تريد أمريكا حقا القضاء على داعش، أو فقط الحد من انتشارها، وتحجيمها؟»، فهناك من يعتقد أن وجود حركات راديكالية مثل القاعدة، وداعش، وبقاء منطقة الشرق الأوسط ملتهبة على الدوام يظل مطلبا غربيا مستمرا!.
لا جدال في أن داعش تنظيم خطر، ولا جدال في أن القضاء عليه أصبح ضرورة، ولكن هل يتواءم خطر داعش مع البروبجاندا الإعلامية الغربية التي نشاهدها هذه الأيام، وقد أجاب على ذلك بسخرية لاذعة الكوميدي الشهير، جون ستوارت، وذلك عندما عرض في برنامجه لقطات من نشرات الأخبار الأمريكية التي تتحدث عن خطر داعش، ثم عرض خبرا عن تجنيد داعش لشاب أمريكي ساذج من ولاية منيسوتا، كان مغرما بفريق شيكاغو لكرة السلة، والتهام البيتزا، ثم قال ستيورت: «نعم إن داعش تنظيم خطير، وعلى وشك أن يحتل أمريكا، والدليل أنه جند هذا الشاب الأمريكي الخطير!!»
وعلى أي حال، فإن التحرك الدولي ضد داعش يظل مهما، وقد تأخر كثيراً، ولو أنصت أوباما، والزعماء الغربيين للعاهل السعودي، عندما حذر من عواقب تهاونهم في مكافحة الإرهاب لما وصل خطورة داعش إلى هذا الحد، ولذا يتوجب أن لا تتوقف الجهود حتى يتم القضاء عليه تماما، لأن تحجيمه، دون القضاء عليه، سيكون أشد خطراً، إذ من الممكن أن يستمر استغلاله استخباراتياً لسنوات مقبلة، وابتزازنا بذلك، تماما كما حصل مع تنظيم القاعدة، وذلك عندما ترك ابن لادن، والظواهري طلقاء، وتم غزو العراق، وتدميره، بحجة صلته بالقاعدة، مع أنه كان عدوا شرسا للتنظيم، فلننتظر، ونرَ!.