يعتز وطننا الحبيب برجاله وبجهودهم مهما اختلفت القمم أو القامات، رجال لا تكتشف معادنهم إلا بعد أن تصهرها في أتون المطالب الوطنية التي تكشف علو قدر الانتماء، فالكثير يبحث عن كل ما يرد جميل الوطن والقلة تتراجع وتختفي، وقبل ذلك تتذمر حينما تلامس حدود كرمها تجاه (الوطن) وليس المطالب الشخصية.
ولكوني قد كلفت بعمل أتشرف بإدارته تمثل في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، الجمعية المندرجة ضمن جمعيات النفع العام والمعتمدة على دعم القطاع الخاص مع أن واجب الدعم من مهام وزارة الثقافة والإعلام بتخصيص ميزانيات للجمعية ومثيلاتها، فقد كان لي الكثير من التجارب المتعلقة بالبحث عن الداعمين، منها المفرح من البعض ومنها المخجل من البعض الآخر ممن قابلونا بأعذار ومبررات تجاهلوا بها مطلب يندرج في إطار الخدمة الوطنية والشراكة المجتمعية التي تتعامل بها الدول المتقدمة، ومع ذلك كانت محاولاتنا لا تتوقف لتحقيق الأهداف الوطنية التي تضطلع بها الجمعية محاولات تأخذ طاقتها من أكثر من سبعمائة فنان من الجنسين على مستوى المملكة، يعملون بأقل الدعم وينافسون على المستوى العالمي.
أعود لموضوع اليوم ولعنوان الزاوية (محمد الرميح وطنية وتواضع) مع علمي وعلم الكثير أن من سأتحدث عنه (الأستاذ محمد الرميح رئيس مجلس شركة دهانات الجزيرة) لا يقبل مثل هذا الحديث، ومع ذلك تجاوزت رغبته، فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ولا يشكره الله، رجل جمع بين مشاعر الوطنية والسعي لخدمة المجتمع بشهادة الكثير من الفعاليات التي ساهم في دعمها، ومنها ما حظيت به الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، بعد أن ضاقت عليها السبل في بداية تحركها نحو تفعيل دورها وتحقيق رغبات منسوبيها، فكان دعم الأستاذ محمد بمثابة غيث أنبت الحراك والتنافس ووضع الجمعية على بداية طريقها بنجاح.
رجل يخجلك بتواضعه، استضافني وزملائي أعضاء إدارة الملتقى الأول للجمعية في محطته الثالثة والأخيرة أبها بعد الرياض وجدة، وجمعني على سفرة غداء عامرة ببعض أعضاء مجلس إدارة الشركة، كنت قبل اللقاء أعد الكثير من الكلمات والعبارات والجمل وأبحث في قواميس الثناء والمديح ظنا أن من سألتقي به ممن يهمهم هذا الأسلوب، ولكنني ومن معي فوجئنا برجل يخدمك على المائدة قبل أن تمد يدك، يمتلك روح الدعابة ونثر جو المرح في مجلسه، أذاب بهذا التعامل كل ما كنت أتوقعه وشعرت بأنني أجلس مع صديق عشت معه جل عمري، وليس رجل أعمال يحسب على اقتصاد الوطن، إضافة إلى ما اكتشفناه من ذوق رفيع في منزله العامر وبكل ما يحتويه ويحتضنه من اختيار للأعمال الفنية التي تزين كل جزء منه... لا أقول إلا شكرا أبا هشام على الاستضافة وعلى دعم أبنائك منسوبي الجمعية.