لم يكن اجتماع هيئة كبار العلماء في المملكة مثار اهتمام الرأي العام المحلي كما هو غداً، فقضية الزكاة والرسوم على الأراضي البيضاء التي سينظر فيها المجلس تمثل أولوية المواطن ومثار اهتمام الرأي العام المحلي لسنوات. الجدل الطويل الذي خلفه الاصطفاف أو الاستقطاب مع أو ضد هذا التحرك التشريعي المنتظر، خلق قناعة مجتمعية بأن ما يحول بين المواطن ومسكن العمر هو فرض مثل هذا القرار.
***
تكلفة الأرض من إجمالي قيمة المسكن تمثل معضلة حقيقية في المملكة، ففي حين لا تمثل قيمة الأرض في كثير من دول العالم أكثر من 15-25% من تكلفة السكن بينما تتجاوز فيه هذه القيمة 55% في بلادنا، ووفقاً للكثير من الدراسات، فإنّ مستوى أسعار الأراضي المرتفع يمثل السبب الرئيس في انخفاض نسبة تملُّك المساكن في المملكة.
***
المتأمل في الاستثمار في الأراضي يلاحظ أن ارتفاع أسعاره يعود إلى حقيقة أن الأرض تحولت في المملكة من كونها سلعة إلى وعاء استثماري، فكل من ادخر مالاً أو حصل عليه، يجد أن الأرض خياره الأفضل بأداء وعائد متميز وتكلفة معدومة، ولذلك فإن فرض الزكاة والرسوم على الأراضي البيضاء سيغير من هذه المعادلة كثيراً.
***
ثمة جدل كبير حول شرعية فرض الرسوم على الأراضي البيضاء، لكن البعض يكيفها باعتبارها تمثل تكاليف البنية التحية وصيانتها المستمرة التي وضعت من أجل المواطن ورفعت من سعر العقار، ليستأثر التاجر على عائد أثرها في القيمة الشرائية. ويؤسس التكييف الشرعي لفرض الرسوم أيضاً كون الاحتكار يمثل اعتداءً على مقابل الفارق الكبير في السعر بسبب الخدمات، فالرسوم لا تمثل اقتطاعاً من مال بغير حق وإنما تماثل التعرفات الأخرى التي فرضتها المؤسسات الحكومية على استخراج الفسوحات والرخص وتجديدها، فالسياسة الشرعية توجب التدخل الحكومي حين يبرز خلل قد يؤثر على الأمن الاجتماعي والأسري وثمة صور تؤيد هذا التدخل في زمن الرعيل الأول.