لا أظن أننا بحاجة لخبير سياسي مخضرم ليؤكِّد لنا أن غول المنطقة الجديد «داعش» لن يكتب له الحياة!.. فهذه المجموعات المتمردة على طبيعة الوجود ونواميسه التي أنزلها الله في أرضه تحمل في جوفها السمَّ الذي سيقتلها حين يفيض قيحه دون أن يمسّها أحد؛ لأنّها باختصار ليست مشروعات للحياة والبقاء!
* * *
منظمة نبتت كالفطر وتمدّدت خلال أيام تحت مرأى ومسمع العالم لتحتل أجزاءً أكبر من جمهورية لبنان بـ6 مرات لتعلن عن دولة جديدة لا تتطلَّع إلى اعتراف العالم، بل تعلن أن جزءًا كبيرًا من العالم هو جزءٌ منها، مقدمة مأساوية لواقع جديد لم يتنبأ بحجمه وسرعة حدوثه أحد!ٌ!
* * *
داعش المشكوك في شرعية ولادتها أصبحت اليوم شغل مراكز الأبحاث والباحثين، الذين يتحدَّثون عن الخطر الإسلامي القادم بعنف ودموية تتجاوز حتَّى تنظيم القاعدة، الذي استقر في الضمير العالمي الوعي بخطره بعد جريمة الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة!... فالعملُ والزخمُ الإعلاميُّ المنظمُ للتنظيم أو الدَّولة المزعومة، الذي جسده قبل أيام الذراع الإعلامي له بإصدار مجلة متخصصة باللغة الإنجليزية تستخدم تطبيقات وبرامج مُتطوِّرة يكشف حجم الإمكانات والدعم الفني الذي يحظى به هكذا تنظيم، فالأمر ليس مُجرَّد مقاتلين فوضويين، وإنما فرق عمل ومتابعة متكاملة تطرق الطبول في حفلة موت كبرى تراهن على تقسيم المنطقة.
* * *
مسؤولية المجتمع الدولي اليوم لا تنحصر في مواجهة هؤلاء المارقين على الحياة بالسلاح والنار، بل أيْضًا باجتثاث البيئة السياسيَّة الحاضنة لهم، وتصحيح الواقع السياسي الذي حول المنطقة إلى بؤرة جذب كبرى لكل حالم بالموت!... ملفا سوريا والعراق والمتمترس خلفهما قيادات مفتعلة تعزّز الانقسام والإقصاء والتهميش والبطش هما نواة حفلة الموت المؤجلة، التي يسمع العالم قرع طبولها في المنطقة..
* * *
أخيرًا فإنّ مواجهة هذا الفكر والتصدي له ولكل من يحمل لواءه أو يعزّز ويبرر جرائمه أصبحت أولوية لا تقبل التأجيل ولا التأويل... فالسكوت عنها هو الصوت الأعلى الذي يدعو لحفلة الموت المرتقبة، التي قد لا يفطن لها البعض إلا حين يكون في أتونها حين لات ندم!