إشادة وزارة الداخليَّة أمس الأول بدور المواطنين في الإيقاع بالخلايا الإرهابيَّة دلالة مهمة على أن الحرب على الإرهاب لم تعد جهدًا أمنيًّا محضًا، فالخلايا الإرهابيَّة لا تستطيع تحقيق الكمون الخطر والنشاط المهدِّد في مجتمع تجد فيه الأجهزة الأمنيَّة وعيًا وتفاعلاً اجتماعيًّا حقيقيًّا.
****
وعي الأجهزة الأمنيَّة بمباشرة ملف الإرهاب في المملكة ونتائجه المتراكمة طوال سنوات مضت يؤكِّد أن ضمير المجتمع اليوم بات الحصانة السعوديَّة الأقوى ضد الإرهاب ومدارسه المتربصة بنا، فمعركة كسب العقول والقلوب التي أدارتها المملكة باقتدار عزلت الإرهابيين عن المحيط الاجتماعي، فلا يكاد صاحب الفكر الضال يتجرأ بإطلاق بعض أفكاره أمام الملأ أو في المجالس حتَّى يجد له أكثر من مناقش ومنكر لدعاواه، بل إن بعضًا منهم يعود عن غيه بسبب بعض الحوارات واللقاءات العائلية أو الاجتماعيَّة وهو ذروة الضبط والإصلاح الاجتماعي الذي نتطلَّع إلى سيادته في بلادنا.
****
المحرضون الـ88 الذين كشفت وزارة الداخليَّة عن تورطهم في التغرير بالشباب والزجّ بهم في بؤر الصراع وتحويلهم إلى أسلحة مسمومة تستهدف جسد الوطن موزعون حسب البيان في أربع مناطق، وهي دلالة أن الإرهابيين وأعوانهم يستهدفون كل شباب الوطن في عمق تفاصيل الجغرافيا الوطنيَّة ما يستلزم مواجهتهم بمشروع وطني متكامل يرتكز على الشباب والفتيات من خلال أسلحة وآليات جديدة ومتجدِّدة تستوعب مخاطر المرحلة.
****
المشروع الوطني لمكافحة الإرهاب الذي يجب أن يكون الشباب مكوّنه الأساسي هو مشروع إستراتيجي طويل المدى يحاصر بذور الإرهاب وينتزعها في بواكير إشاراتها... وهو ضمير المجتمع الذي ينبغي أن يتجذَّر وأن يقرأ مؤشرات الاختلال ويصححها مبكرًا في الأجيال، فالسؤال الذي لم ينل حظّه من الطّرح والتحليل.. لماذا تزداد نسخُ الإرهاب المتدثر بالدين قسوة وفظاعة في كلِّ جيل أكثر من سابقه!!!