هل داعش نبتة سلفية؟ هذا سؤال طرحه الشيخ عادل الكلباني في حسابه في تويتر قبل أسابيع، وما إن ظهر السؤال، إذا به يبلغ مدى لم تبلغه تغريدات الشيخ الكلباني كلها، هناك من أعاد السؤال وهناك من أجاب عليه، وهناك من اعترض عليه، وهناك من خاصم الكلباني لمجرد أنه سأل، وهناك من قال إنه سبق الكلباني بذلك.
الكلباني طرح السؤال وهو يعرف تماماً (السلفية)، يعرفها عندما كان إماماً، ويعرفها عندما أجاز الغناء بموسيقى، ويعرفها عندما جابه خصومه، والكلباني عندما يطرح هذا السؤال؟ يطرحه وهو يعرف أنه أكثر شخص قادر على الإجابة، ولأنه لا يريد أن يجيب، طرحه وترك الإجابة للآخرين، لأنه يعرف أن إجابة ما ستوافق رأيه.
المتابع لتغريدات الكلباني يلحظ ذكاءً حاداً فيها، ويلحظ نفساً كوميدياً أصيلاً، ويلحظ أن تغريداته كلها ذات مغزى، وليست مجرد كلام إنشائي، ولا أمثلة وحكم، الكلباني - في تقديري- ظاهرة تويترية حقيقية، يتعامل مع تويتر كما هو، بفكره وقلمه، لا يقص ولا يلصق ولا يجعل من نفسه حكيم الحكماء ولا عظيم العظماء ولا قائم مقام، وإنما يكتب من خلال الناس ومع الناس وللناس.
سؤاله: هل داعش نبتة سلفية؟ جاء ليكون أهم سؤال يمكن أن يطرحه عالم دين، سؤال مربك، والأسئلة المربكة - عادة- لا يطرحها إلا المثقفون الكبار، وما زال السؤال يتداول في أنشط هاشتاك على تويتر يحمل العنوان نفسه.
هذا السؤال المربك: يحيلنا إلى مقارنة أدبيات داعش في الرقة السورية والموصل العراقية، بأدبيات بعض الأطروحات السلفية التي تشبهها محلياً وخليجياً وعربياً، ما يبرر لبروز هذا السؤال بطريقته الاستنكارية، والتعجبية، والتوجسية، ويكون لهذا السؤال - بالتأكيد - صولة وجوله عندما يطرحه عالم دين كالشيخ الكلباني.
بات الكلباني في نظر خصومه تغريدة مقلقة، حين (صمم) معجبوه تغريداته (الناسفة للجبهات) وإرسالها عبر قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى غير تويتر لتأخذ انتشاراً أوسع ومتابعة أكبر وتكون محل نقاش وجدل.
الكلباني فهم وظيفة تويتر فتعامل معه كما هو، لم يجعل تويتر صحيفة حائطية مدرسية للحكم والأمثال والنصائح، وإنما جعله لمداخلات هدفها توسيع مجال الإدراك وكشف الأقنعة وإحقاق الحق بأسلوبه وأسلوب تويتر، هكذا أفهم الشيخ عادل الكلباني، أو هكذا هو.