لا يمكن أن تفهم داعش من خلال خبر مقتضب في صحيفة أو قناة فضائية أو في تقرير إعلامي ولا حتى في مقالة متخصصة، لأن هذه المصادر الإعلامية تتحدث - عادة - من جهة نظر واحدة، قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة أو مضللة، أو مراوغة، أو مقصود تمريرها....
لا يهم كل ذلك، ما نحن بصدده أن فهم الأحداث السياسية تحديدا، تحتاج إلى مهارة (ربط العلاقات) مع بعضها البعض، فعلى سبيل المثال: تحرك داعش من سوريا إلى الداخل العراقي بصورة مفاجئة، وتصريحات المالكي حولها، وموقف أمريكا من داعش في تلك اللحظة، وانسحاب الجيش العراقي، ومعرفة الجهات المستفيدة وغير المستفيدة... إلخ، من هنا يمكن أن تفهم داعش أكثر من أي وقت مضى.
ربط هذه العلاقات ببعض ولو بصورة تلقائية يمكن أن تفهم شيئا عن داعش، لا يتطلب أن تكون محللا سياسيا, ولا ملما بالتاريخ، ولا عارفا بالإسلام السياسي ولا خبيرا بالإرهاب، كل ما هنالك أن تربط أحداثا حدثت في وقت واحد لها علاقة ببعضها البعض خلال أيام وربما خلال أشهر وسيتضح المخفي، وإذا لم تستطع من المرة الأولى، أعد الكرة ودرب عقلك على ربط العلاقات وسترى ما لا يرى الآخرون وسيتكشف لك ما وراء الأفق.
أنت تعمل ذلك، حتى لا تكون (رقما) من أرقام القطيع، يسير حيث يسيرون، وحتى تحدد موقفك من داعش من مرجعية داخلية أنت مصدرها، وليس من توجيه خارجي، أو تأثير موجه، أو نفثة عاطفية بثها صائد عملاء باتجاهك، فسحبك إلى مرابط القوم.
أحدهم كان (يغرد) لصالح داعش في عام 2011م، وعندما اتهم بأنه داعشي، قال هذه تغريدات قديمة، كانت تمثله سابقا أما الآن - فحسب كلامه - أنها لا تمثله، بعضهم كان يقف في صف (الإخوان المسلمون)، فلما أفل نجمهم، قال لم ألتق بأحد منهم لا في مكتبه ولا منزله، وآخر ضغط على الحكومة السعودية ببيان شخصي متكئا على هاشتاق (الراتب ما يكفي الحاجة), ولما علم أنه (تعجل) في يومين، عاد وانزوى وأخذ يغرد عن بر الوالدين.
كل هذه المواقف تظل مواقف سياسية في النهاية، وهي مواقف تحتاج إلى تمهل ومهارة فائقة (في ربط العلاقات) حتى لا يقع المتابع في فخ (التهييج العاطفي) ويخسر وطنه، وأهله، وأمنه، ودينه، وحتى أولئك المغردون الحركيون: أجمع مواقفهم، أوجد العلاقة بينها، وستكتشف نتائج لم تخطر على بالك، حيث بإمكانك أن تستعين بمحركات البحث وقنوات التواصل الاجتماعي في عمليات جمع الأحداث وتحليل العلاقات بينها.