بات التطاول على مؤسسات الدولة متاحاً لكل كاتب ومغرد، وصار الهجوم على هذه المؤسسة أو تلك هو السبيل الميسر لشهرة الكاتب، وزيادة عدد متابعي المغرد. في أكثر من حالة نيل من بعض الوزارات بشكل مقزِّز، لا يرضاه ضمير أي مواطن صادق في مواطنته، كما ينال من العاملين في هذه الوزارات بكل (قلة أدب).
أنا هنا لست مدافعاً عن من يخطئ، لكنني مدافع عن هيبة مؤسسات الدولة التي هي هيبة الدولة، فإذا استبيحت هيبة الجهاز الحكومي فما بعد أشد وأنكى.
وإن من أشد التطاول وأكثره سوءًا أن يأتي ضد القضاء والقضاة، ليصل إلى اتهامهم بالمحاباة! بمعني أكثر وضوحاً بخيانة الأمانة! هذا القول قال به مغرد معروف وعلى الملأ، ولما رددت عليه اتهمني بالتحريض!!
عجبي تطعن في نزاهة أغلى مرفق حكومي وترى أنني أحرض عليك لما سألتك هل تخون القضاة؟
إن القضاء خط أحمر لا يجوز أن ننال منه ولا من نزاهته، وإن حصل وخالف فرد من هذه الكوكبة العلمية دينه وضميره وما استؤمن عليه فهذا ليس بمسوغ أن نتهم كل المؤسسة القضائية.
إن الطعن في مرفق القضاء ما هو إلا طعن في الدولة التي تفتخر دوماً بمؤسساتها القضائية وأنها تعمل بموجب دستور سماوي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنها - أي الدولة- لا توكل لهذه المهمة إلا من ثبت دينه وأمانته وعلميته.
وعندما يأتي من يقول إن القضاء غير نزيه، أو يقول إن القضاة يحابون طرفاً دون طرف، فإن هذا طعن مباشر واتهام صريح لمؤسستنا القضائية المعروفة بنزاهتها وتحكيمها كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم.
القضاء والطعن فيه ليس بالأمر الهين، فله ما بعده، وإن تركنا هؤلاء يطعنون ويشككون في قضائنا، فلن يكفيهم هذا وسيتجاوزنه إلى ما هو أكبر وأخطر، لذا فإن معاقبتهم باتت أمراً مطلوباً.
نعلم أن معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء يعمل منذ توليه دفة العمل في هذين المرفقين بشكل لافت ومميز، ولذا فإننا نطالب معاليه بأن يرفع للمطالبة بسن عقاب صارم لمن ينال من المؤسسة القضائية أو من أي من أفرادها، جاداً كان أو هازلاً.
إن التهاون مع مثل هذه التجاوزات ليس من حرية التعبير، ولا من باب المكاشفة والمناصحة، بل هو من منطلق إثارة البلبلة التي تقود إلى الفتنة.
لذا فإن تجريم من يتطاول على مرفق القضاء مطلب مشروع وملح. والله المستعان.