خطى التحالف الدولي أولى الخطوات العملية لمواجهة داعش، حيث أعلن الرئيس الأمريكي أوباما بعد ختام مباحثات الحلف الأطلسي في مدينة نيوبورت في إمارة ولز البريطانية عن التوصل لإقامة تحالف دولي يضم عشر دول من بينها دول عربية لمواجهة خطر داعش.
أوباما لم يكشف عن الدول المكونة للتحالف، إلا أن المؤشرات تشير إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وأستراليا، إضافة إلى العراق ودول عربية محورية ستكون ضمن أعضاء التحالف، حيث تحدثت الأنباء عن مشاركة المملكة العربية السعودية والإمارات والأردن وربما مصر، إضافة إلى تركيا. وسوف يقوم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري يرافقه وزير الدفاع تشاك هيجل بجولة على دول المنطقة، وبالذات الدول المشاركة في التحالف، لاستكمال بناء هذا التحالف الدولي. وذكر في ولز على لسان وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين بأنه لن تكون هناك قوات برية، وأنه لن يتم إرسال قوات إلى مسرح العميلات الذي ينحصر حالياً في سورية والعراق، وأن المشاركة ستكون على دعم القوات المناهضة لتنظيم داعش كقوات البشمركة الكردية والقوات العراقية بعد الانتهاء من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية العراقية.
أمريكا أعلنت أنها ليست بصدد التعاون أو التعامل مع إيران في معركة القضاء على داعش، ولا نظام بشار الأسد، لسببين، أولهما اعتراض دول إقليمية عربية مهمة على هذه المشاركة التي ستمنعها من أي تعاون في هذا السياق، ثانياً لقناعة أمريكا من أن طهران ودمشق كانتا من أهم أسباب ظهور داعش وتمدده، وأن بروز داعش يخدم الخطط الإيرانية ونظام بشار الأسد، وهو ما تأكد عليه فرنسا التي لن تقبل بأي مشاركة لقوات نظام بشار الأسد، كما أن الدول العربية الفاعلة تطالب أن يتم التعامل مع (الدواعش) الأخرى والتي تتمثل في المليشيات الطائفية الأخرى التي أوجدت المبرر وهيأت البيئة الطائفية لداعش، ولذلك فليس معقولاً أن يتم إشراك دول وأنظمة تدعم هذه المليشيات وتقويه على حساب مكونات أخرى، وقد أُفهم كل من علي خامنئي والرئيس الروسي بوتين بأنهما إذ أرادا الالتحاق بالركب الدولي لإزاحة داعش فعليهما حل عقدة بشار الأسد على غرار ما تم من حل لعقدة نوري المالكي في العراق، فالتخلي عن نظام بشار الأسد وإبعاد وتقليص نفوذ حزب الله في سوريا يلغي المبرر ويساعد على تصفية التنظيمات السنية المتطرفة كتنظيم داعش والنصرة ويشجع دولاً عربية سنية على المشاركة وبفعالية في التحالف الدولي، كما أنه يشجع دولاً كبرى أخرى كفرنسا وإيطاليا على الإسهمام بقوة في هذا التحالف.
المراقبون والمتابعون للتحركات الدولية الأخيرة يرون أن نجاح التحالف الدولي وانضمام دول أخرى إلى العشرة الأولى نواة هذا التحالف سيغير كثيراً من الأوضاع في المنطقة، لأن النجاح في القضاء على داعش سيضعف المليشيات الطائفية الأخرى وإنهاء دورها بعد انتفاء مبرر وجودها، إذ سيتقلص نفوذ حزب الله والمليشيات المذهبية العراقية سواء في سوريا أو في العراق، وإن لم تبادر هذه المليشيات إلى إنهاء دورها فسوف يتعامل معها التحالف كتعامله مع داعش، وهذا ما يجعل موسكو وطهران مهمشتين وقليلتي التأثير على المتغيرات في المنطقة.