ما فتئ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في التحذير والتنبيه من تنامي الإرهاب وتمدده إلى مناطق جديدة، إضافة إلى اتساع العمليات الإرهابية وتزايد الجماعات الإرهابية والمنظمات التي تحظى بدعم من دول وأنظمة لا تزال قادرة على الإفلات من العقوبات الدولية.
آخر تحذيرات الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدى استقباله سفراء الدول الشقيقة والصديقة الذين قدموا أوراق اعتمادهم الأسبوع الماضي، والملك هذه المرة كعادته كان واضحاً ومباشراً وشفافاً، فقد أوضح أنه إذا لم تتخذ جميع الدول تدابير وإجراءات لمواجهات تنامي وتمدد الإرهاب فإن أي دولة أو بقعة في العالم لن تكون بمنأى عن الأعمال الإرهابية وتمددها، فأوروبا مهددة بهذا الخطر الداهم، وستشعر به خلال شهر، وأن الولايات المتحدة الأمريكية بعد شهرين من تعرض أوروبا للعمليات الإرهابية.
قول خادم الحرمين الشريفين الذي طلب إبلاغه للدول كافة من خلال سفرائها لم يأت من فراغ بل من قبل متابعة وتقصٍّ واستشعار بالمسؤولية من قبل خادم الحرمين الشريفين وقيادات المملكة السياسية والأمنية التي تتابع هذا الأمر منذ أكثر من عقد، وقامت بالعديد من المبادرات على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فبالإضافة إلى محاصرة الجماعات الإرهابية وصياغة منظومة من الإجراءات والأنظمة والتفاعل في دراسة ظاهرة تنامي الإرهاب، فتحت قنوات اتصال وتفاهم مع الشباب وتوجيه النصح والحوار بأسلوب حضاري وشفاف، وامتدت هذه الإجراءات إلى المحيطين الإقليمي والدولي وبادرت إلى تقديم مبادرات مثمرة وإيجابية تمثلت في تعميم ثقافة الحوار والتسامح من خلال دعمها وتبنيها فتح مراكز الحوار بين الديانات والثقافات والحضارات وساعدت بتقديم الدعم المادي والمعنوي والعمل السياسي والدبلوماسي على جعل ثقافة الحوار بين الأديان والحضارات مرتكزاً أساسياً للتواصل بين الدول، وبجهود المملكة تبنت هيئة الأمم المتحدة مبدأ الحوار الأممي ونفذت العديد من الملتقيات الدولية. والفكرة أساساً انطلقت من المملكة وبمبادرة من خادم الحرمين الشريفين والذي بدأه في نشر ثقافة الحوار والتسامح في المجتمع السعودي، ثم توسع في تعميم هذه الثقافة بين المذاهب الإسلامية، وبعدها توسيع التحرك نحو الأديان والحضارات والثقافات العالمية توج في إنشاء مركز الحوار الدولي الذي يمارس عمله في فيينا عاصمة النمسا وسط أوروبا والذي احتضن العديد من المؤتمرات واللقاءات التي تقرب بين اتباع الأديان والحضارات والشعوب.
تعميم ثقافة الحوار والتشجيع على التسامح يعد تحركاً عملياً وفكرياً لمواجهة الأفكار المتطرفة وتتصدى لإرهاب الجماعات خاصة التي ترتدي ثياب الأديان والمذاهب.
أما مجال التحرك السعودي الفعال الآخر في مواجهة الإرهاب فقد تمثل في دعم الجهود الدولية والإقليمية في التصدي للإرهابيين والمنظمات التي تدعمهم، وقد بادرت المملكة إلى الدعوة إلى عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب وعقد في الرياض حيث تمخض عنه إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت إشراف الأمم المتحدة والذي دعمته المملكة بمئتي مليون دولار، وتعد المملكة أكثر الدول إسهاماً في مواجهة الإرهاب وتعاوناً مع الدول ومدها بالمعلومات، وهو ما أشارت إليه كل من أمريكا والعديد من الدول الأوروبية.
الآن المخاطر عديدة ولا تستثني دولة أو بقعة من آفة الإرهاب ولا تعد أي دولة آمنة من مخاطره بعد تنامي المنظمات والجماعات الإرهابية ودعم دول وأنظمة لا تزال بعيدة عن العقاب الدولي، وتحذير الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحذير جديد يجب أن يؤخذ بجدية واهتمام؛ فالجميع الآن مهدد خاصة بعد تفريخ القاعدة لأذرع إرهابية عدة ودعم الدول والأنظمة للمليشيات والمنظمات الطائفية التي هي مليشيات إرهابية بامتياز.