تكلَّمْتُ في الأسبوع الماضي عن الذين تاب الله عليهم، وليس ذلك بمقتضى الإيجاب، وههنا أضيف وذلك هو الوقفة السادسة أن الله لم يتب عليهم لأن (عسى) تقتضي الإيجاب؛ وإنما حقَّق الله لهم ما أمَّلوه بغلبة الرجاء لا بيقينه.. ولو لم يرِدْ الخبر بقبول توبتهم في دنياهم لقلنا: (إنَّهم تابوا في دنياهم قبل أن يلقوا ربهم): لكان من المحتمل عند المخلوقين أن لهم توبة قبل الغرغرة فتاب الله عليهم، ومن المحتمل أنهم لم يتوبوا فلم يغفر الله لهم.
قال أبو عبدالرحمن: إذا ادَّعى المكلَّف أنه مُتَيَقِّنٌ أن الله تاب عليه، وأن ذلك حقٌّ له، وأن الله لا بد أن يتوب عليه حتماً؛ لأنه تاب وأحْسَنَ: فذلك هو الهلكةُ، وهو التَّأَلِّـي على الله.. ولو كان مُحْسناً ما تألَّى على ربه، ولما جعل ذلك حقَّاً له بِمُقْتَضى عَمَلِه؛ فوالله ربي خالقي ورازقي لن يدخل أحد مِن عباده الجنَّة بعمَلِه؛ بل يدخُلَها برحمة ربِّه وهو أرحم الراحمين.. ولو لم يجعل الله ميزان الحسنات أرجح وأَثرى من ميزان السيئات بما لم يخطر على قلب بشر قبل بلاغ الشرع: لما نجا أحد، ولهلكنا بعدل الله، وما الله بظلَّام للعبيد.. وأمَّا أنَّ ربنا جل جلاله يُحِبُّ المُذنبين الأوَّابين - وإن رغمتْ أنوفُ من يزعمون الفقه في الدين، ويُؤَيِّسون المسلمين من رحمة ربهم كأنهم يملكون خزائن ربنا ورحمته -: فذلك والله حق؛ فلو لم نُذنب لاستبدل ربنا بنا غيرَنا بِمَنْ يذنبون ويستغفرون ما اجْتُنبَ الشرك بالله؛ وهذا بنص الخبر الشرعي القُدسي القطعي.. والله سبحانه جعل بخبره الشرعي طاعةَ العبد رَبَّه وثوابَه هو سبحانه صفقةً بينه وبين عباده، ووصفه بأنه قرضٌ حسن مِن عباده له.. وماذا عند عبادهِ المخلوقين الضعفاء لنفع خالقهم الذي ليس في ملكوته عَدَمٌ، بل إذا أراد شيئاً كان، وخزائنه ما لها من نفاد، ورحمته وعلمه وسِعا كل شيئ كان وسيكون؛ فنحن والله الفقراء، وربنا هو الغنيُّ الحميد، ولا غِنى لنا إلا أن نستغني به بالتضرُّع؟!!.. والله يريد أن يَجرَّ عباده إلى الجنة، ويفرح بتوبتهم؛ فكان ترغيبُ الله لهم في الشرع أكثرَ من وعيده إياهم؛ ولهذا جعل الجواد الكريم الغفور الَبرُّ الرحيم الغني الحميد طاعَتَهم قرضاً لأنه الشكور الحميد.. فمتى يفقه القانطون اليائسون المُؤَيِّسون الذين يقول أحدهم بحنكٍ رُخْوٍ: (الله يبدِّل السيئة حسنةً واحدة لا أكثر)؟!.. وأما أن حُسْنَ الظن بالله واجب بدعْوى أنَّ من لم يتيَّقنْ (وجوبَ توبةِ الله عليه) لم يحسن الظن بربه: فذلك والله هو الخلطُ والمَلْط، بل حُسْن الظن بالله له أحكام ليس من بينها يقينُه (وجوبُ توبة الله عليه)، بل أَوَّلُ مفاتيحِ حسن الظن بالله أن يتيَّقن أن الله لن يظلمه، وأنه إن تاب عليه ونجَّاه فبرحمته، وإنْ عَذَّبه فبعدله، وأن ما يناله من ربه من مصائبَ ابتلاءٌ؛ عليه أن يُقابله بالإيمان بعدل ربه وعلمه وحكمته، وبالرضا والصبر والشكر والاستغفار، وأن يُـحَمِّل نفسه المسؤليةَ بأن ما أصابه من حسنة فمن الله، وما أصابه من سيئة فمن نفسه.. والناس (والجنُّ ناسٌ من فِعْلِ ناسَ) يُخطِئون ويظلمون مراراً لا تُحصى وينْسون؛ فيحصيها ربي الذي لا يضلُّ ولا ينسى.. ورحمة ربي عن عزة وحكمة وعلم لا مُكْرِهَ له.. ثم يثق بعد ذلك أن الله مُعَوِّضه خيراً أوَّلُه الطمأنينةُ والرِّضا والحياة الطيبةُ، وأن الله إنْ حَرَمهُ مطلباً من حظوظ الدنيا فقد جعل له البديلَ منه طمأنينةً، وصرفَ عنه مِن السوء ما لم يخطر بباله، وأَثْقَلَ موازينه بالصبر والرِّضا.. وأما طلبه وتضرُّعه لربه أنْ يأذن له بالإيمان والثبات عليه: فلا بدلَ له عند ربه إلا أن يُحَقِّقَ طلَبَه؛ فكل عِوضٍ من حظوظ الدنيا زيادةُ وبالٍ ونكال؛ فليكن على حذر من ربِّه الذي يعلم ما في صدره أن يَبْدوَ له منه غيرُ ما يحتسب، وليكن على خوفٍ ووجل حال كونه جاداً في العمل، مضمراً في كلِّ لحظة قادمة أنه سيجتهد ويشَمِّر؛ فيأتيه اليقين بفعل ربه لا بفعله هو؛ فله من ربه ما يُبَشِّره؛ لأن المسلم ماظَـلَّ على يقين من أنه قادم على ربه، وأن قوله من عمله، وأنه مُـحْصى عليه كدحُه في دار الغرور سيُثَبِّتُه الله ما ظلَّ بين الخوف والرجاء؛ فإذا أدركه الضعف في قُواه الجسدية والعقلية غلب عنده جانب الرجاء؛ وفوَّض أمره إلى ربه، وأَقَرَّ بتقصيره وأخطائه؛ فليس حسن الظَّنِّ بالله كائناً بالتَّمني.. وبقدر ما يفقد من قُواه يتقوَّى بالتفويض والتمسُّك بالأدعية الشرعية المُوَظَّفة، ولا يتجاوز، ويُحْسِنُ وَضْعَ الدعاء موضعه، فإن التطبُّع بالدعاء منذ الصِّغر يجعل الحِفاظ عليه عند الضعف طبعاً؛ فإذا قال: ((سبحان ذا المَلكوتِ والكبرياء والعظمة)) فلا يكرُّ بقوله في قلبه: (سبحان ربي الغني الحميد) وإن كان ربُّه هو الغنيَّ الحميد، بل يقول: (سبحان ربي الحي القيوم)؛ لأن الكبرياء والعظمة وخلْقَه مُلْكَه وتدبيره الملكوتَ من لوازم أسمائه الحسنى وصفاته.. وإذا قال:(سُبُّوح قدُّوس رب الملائكة والروح) فليقل في قلبه (سبحان ربي الغني الحميد)؛ لأن ربه قُدُّوس سُبُّوح في أسمائه وصفاته وإن جحده الكافرون، وتسبيحنا ربَّنا بأقوالنا واعتقاد قلوبنا، وليس لنا فِعلٌ يُماسُّه جل جلاله فيكتسب تنزيهاً منا، بل نسبحه بأعمالنا من جهة أداء جوارِحنا أوامِرَه الشرعية، ونُمْسِكُها عن نواهيه محبة ورغباً ورهباً.
قال أبو عبدالرحمن: إنه مُحَدَّدٌ لي في سبتيتي ألفُ كلمة لا غير سألتزم بها إن شاء الله، ولو لم تنته شجوني بعد، فعسى أن أتلافَى بقيةَ هذا الموضوع بعنوان آخر في المستقبل إن شاء الله تعالى، وحسبي إن أُبدي للقراء وليقل مَن يقول: (إنني مُغرَمٌ بالحديث عن نفسي)؛ فهذا لا يَهمُّني ولا يَغُمُّني؛ وإنما يهمني أن أنفع نفسي وأنفع عباد الله؛ فقد جبلني ربي رحمة منه وفضلاً على رَحْمةٍ تُمْرِضني؛ فكان ذلك سبباً لسعادتي دنياً، وأرجو أن يكون سبب سعادتي آخرة؛ ففي خبره الشرعي الصحيح: (ارحموا مَن في الأرض يرحمكم من في السماء)، وجاءت (مَن) ههنا بمُقْتضَى الألوهيَّة؛ لأن ربنا في الأرض إله وفي السماء إله.. كما أن الشيطان والنفسَ المُعِيَنَة الشيطانَ بشهواتها وشبهاتها، اللَّوامة، التي ستشهد مع ذلك على الكفار يوم القيامة بما عملوا، وستتحسَّر على ما يصيبُها من عذاب: غلباني في أشياء ولم يغلباني في شيئ هو إيماني بربي، وفخري بالعبودية له؛ فنعم المَفْخر رِضا الله وَمَحبَّتي له بمعاينة ألطافه، وبغضي لكل ذي سيئة حال سيِّئَتِه وإن كنت شريكه في أعظم منها؛ فالمسلم العاصي لا يأنس بسيِّئَتِه، وطُولُ قِلاهُ لها سببٌ لعصمته، وقد منحني الله ذاكرةً تَعِي لا أنْسى من تجارِب حياتي شيئاً، بل هي شريطُ ذكرياتٍ تنهال عليَّ وإن لم أدْعُها، وقد تأرجحتُ في حياتي تأرجحاً مريراً، وخرجتُ مِن ضعفٍ بَدنِيّْاً ومالياً وعشائرياً، وكنتُ جاداً في الكدح وتحصيل الرزق، ولكنَّ كدحي على إضنائه لا يُغَطِّي مسؤوليَّتي، وما جبلني الله عليه من بذل؛ لأنني أكثرتُ النسل جداً امتثالاً لشرع ربي، وثقةً به؛ فتضاعفتْ عليَّ الهموم والغبن من بعض العقوق، ومن بعض اختلاف المنشإِ عن المنشإِ، ومن بعض ظُلْمٍ نالني من المجتمع وإن كنتُ أبحتُ كلَّ مؤمن يشهد أن لا إله إلا الله وإن كان من العصاة؛ لأن عِوضَ ربي خير لي من اقتصاصي، وتراكمتْ عليَّ هموم وغموم وديون لَوْ تحمَّلها غيري لأصيب بالخبال، وليس لها عندي مُقابِل لا من عقار ولا من زرع ولا من ضرع، وليس عندي أيضاً من سلاح إلا الدعاء والاجتهاد في العبادة وإن كان عقِب الفرج بعض الغفلة الطويلة: فلا يَمُرُّ كثير وقت حتى تنفرج بما لا أحسب له أيَّ حساب.. وكلُّ مُديدةٍ تمُرُّ من عبادةٍ ودعاءٍ أجد عَقِبَها طمأنينة وتفويضاً وثقة.. وتأرجحتْ حياتي في تجاوزاتٍ كادت توبقني لولا أنني غير غافل عن الدعاء، وغير تارك الصلة، وإن تركتها في وقت مضى بعض المرات جماعةً؛ لأمرٍ سوَّلتْ لي نفسي أن أجعله عذراً؛ وذلك العُذْرُ لا يُغني عنه السواك ولا الطِّيب.. وما هجرتُ القرآن، وكنتُ متمسكاً بتلاوة بعضِ السور، محافظاً على دعاء كفارة المجلس؛ لأنني مجبول على الدَّعابة والمؤانسة؛ فإذا كان أخوك ذا طاعة وخير فآنِسْهُ بما يُحِبُّ من المُباح ولن تخلوُ من اللمَمِ، وما كل ذو طاعة وخير بجادٍّ دائماً، ولو فعلنا لصافحتنا الملائكة عليهم السلام.. وكنت أتخيَّر أوقات وأحوالَ قبولِ الدعاء مُلْحِفاً، وكل وُكْدي الدعاءُ بالعصمة والتثبيت؛ فأصبحتُ من حسن إلى أحسن، فآنستُ رقَّة في القلب، ومفاجأةَ الدمع من العين، وسرعةَ الفهم لكلام الله، ولذةً لا أزِن بها شقاءَ من يُكَدِّس الملايين ويحسب ذلك لذة، وشعارُه إن كان فصيحاً (ادِخر ريالك لليوم الأسود)، وإن كان عامياً فشعاره (احفظ حلالك اللي عن الناس يغنيك)، وعسى أن يكون ما كدَّسه حلالاً، وشعاري (أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب) و (أنفق بلالاً ولا تخش من ذي العرش إقلالاً).. وآخرون من البخلاء في أقاليم أخرى شعارهم (المِرْوَدُ يهدّْ جْبالْ)؛ فبئس ما اعتقدوا إن كان جبل الكحل يسْتَنْفِدُه المِرْودُ بكحل العين؛ إذن كم في الإقليم من جبلِ كحل، وكم على ظهر الإقليم من أناس نِصْفهم على الأقلِّ (وهم من الأناثيِّ) يكتحلون، وكم وكم وكم.. إلخ ؟؟؟!.. ألا ساء ما اعتقدوا.. وإن أُصِبْتَ بمصيبة في دينكَ ففِرَّ إلى الله فوراً في اعتكاف مُطلق في خلوتك أو المَـسْجد منْتَظراً الصلاة إلى الصلاة، ولا يمنعك الحياء من ربك (ولم يمنعك الحياء منه مِن مُمارستك الخطيئة) مِن الإلحاف في الدعاء؛ فطأطِئْ رأسَك، وأكثر من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، وكرِّر دعاء الكرب من الرسل المصطفين عليهم السلام (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا لنكونن من الخاسرين)، واعْترف في قلبك أنه لا عُذْرَ لَكَ إلا النفس الأمارة بالسوء، وغلبة الشيطان، وأن حُجَّة الله عليك قائمة.. وإياك أن تعاهِدَ ربَّك على عدم العودة؛ فَأنت لا تضمن، وَلأَنْ تلقى ربك مؤمناً وأنت على خطيئة أَنْجَى لك مِن أن تلقاه ناقصاً عَهْدَه؛ فيكفيك أنك مُتَحَمِّل عهد الله في شرعه بمسؤولية السمع والبصر والفؤاد، وعهده بالفطرة التي يكون بها أطفالُ الكفَّار ناجين، ولكنْ أضمر العزيمة والندم، وأكثر من قولك ((اللهم إني أسألك اللامة من كل إثم، والغنيمة من كل بِرِّ، والعزيمة على الرشد، والفوز بالجنة، والنجاة من النار))، ومن ((اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تُبَلِّغنا به جنَّتك، ومن اليقين ما تُهَوِّن به علينا مصائب الدنيا)) بضمير الجماعة؛ ليشمل الدعاء رعيَّتك وإخوانَك المسلمين؛ فإذا أحْسَسْتَ بشيئ من انشراح الصدر بعد التهليل والتكبير والتحميد والتسبيح فتبتَّل إلى ربك بالدعاء وأطِل.. فإن قال قائل: (ما هذا الكلام المُبكي وأنت دوماً تُطِلُّ علينا بالجماليات والعجائب وربما ألْـمَمْتَ)؟!.. إن قال قائل ذلك قلتُ: ذلكم شأنكم في ظَنِّكم، وحسبي أنني لا أْنْسُكَ نسكاً أعجمياً، وأحب أن أُظهر من نفسي الخير؛ ليدعوَ لي إخواني المسلمون، ويُـثْنوا عليَّ خيراً؛ فيقال: وَجَبَتْ.. وأحبُّ أن أُغَرِّد لهم، فلا يظُـنُوا بي مزيدَ صلاحٍ فوق قدري الذي أنا عليه والله المستعصم فيما بقي.
وأما أن الرسول صلى الله عليه وسلم أطلقهم وعذرهم لمَّا نزلت الآية الكريمة فجوابُه أنه إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بنزول الآية فلا يعني ذلك أنه فَهِم أنَّ (عسى) تقتضي الإيجابَ في حق الله؛ وإنما فهم أن الله تاب عليهم وحسب.. وثمة فرق بين العلم بحصول التوبة بإطلاق، وبين العلم عن حصول التوبة بإيجاب، ووجه علمه صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى تاب عليهم تفضلاً أن (عسى) من العبد رجاء قويٌّ إما لدليل في المأمول بأنه قريب ممكن، وإما ليقين بقدرة المرجوِّ منه، ولا يقين لدى الراجي بأن القادر يُحقِّق الرجاء؛ لأن ما يصدر عن قدرة القادر هو القادر عليه بمشيئةٍ لا بإيجاب مَن لا يقدر.. ولما جاءت صيغة (عسى) نصاً من الله سبحانه وهو سبحانه لا يرجو؛ بل يقول للشيئ: (كن) فيكون: عُلِم أنها خبر بقرب توبة الله عليهم؛ لأن العرب لا يستعملون (عسى) إلا في مرجو قريب، وعُلِم أنها خبر بأن الله أهل المغفرة؛ لأن العرب لا يستعملونها إلا في جدير بالإجابة؛ فصار قبول التوبة خبراً من الله ووَعْداً.. والله لا يُـخلف وعده، وبهذا لا تكون عسى مقتضية الإيجاب؛ وإنما الذي اقتضاه وعد الله بقبول التوبة لَمَّا حُوِّلت (عسى) من الإنشاء إلى الخبر والوعد، والدليل على أنها خبر بقبول التوبة ووعد به الآية التي بعدها: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (103) سورة التوبة؛ فالتوبة تحصل بعد هذا، والدليل على أنها خبر، وأنّ الله أهل المغفرة الآية التي بعدها: {أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (104) سورة التوبة، و(عسى) إذا جاءت من الله سبحانه احتُمِل أنها تعليم من الله لعباده أن يرجوه بأبلغ ما يدل على قوة الرجاء؛ وإنما حملناها ههنا على الخبر والوعد لدلالة السياق من الآيتين بعدها، ولإطلاق الرسول صلى الله عليه وسلم لهم، وعذره إياهم بوحي آخر، وإلى لقاء عاجل إن شاء الله، والله المستعان.