لم يكن المشهد التشكيلي السعودي بشقيه الفكري والإداري بحالة استقرار وازدهار، بل هو في مرحلة الحبو - وما زال - على الرغم من محاولات وزارة الثقافة والإعلام للنهوض به، إلا أن محاولاتها لم تكن جذرية؛ فكانت أشبه بتحويلات التفافية على مطبات وُضعت بمفاهيم اجتماعية خاطئة، أو بنظام الوزارة ذاتها التي لم تطور آليتها منذ زمن ليس بالقريب، وفي أغلبها حلول مؤقتة مسكنات، ليس إلا. لا أقول هذا القول جزافاً، بل إن المعطيات وحالة التذمر الحاصلة لدى الفنانين من هذا الواقع المرير لدى الوزارة أجبرتاني على أن أكتب دون مجاملة.
فلنأخذ على سبيل المثال ما هو حاصل بردهات وكالة الوزارة لشؤون الثقافة التي تعنى بالفنون التشكيلية بركودها البائس وجمعية الثقافة التي مضى على تأسيسها ما يزيد على أربعين عاماً، لم تُنتج مسرحية تجوب الوطن العربي طلباً من مسارحه ليتم عرضها، وحراكاً تشكيلياً يسطع لونه بسماء الوطن العربي على أقل تقدير، فضلاً عن إهدار المال بغير محله. وإذا كان هناك حراك إداري أو فني سعودي فهو إنجازات فردية، ليس للوزارة معروف بها، ومنها ما يقوم به الزميل الناقد التشكيلي محمد المنيف رئيس الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بمجهود فردي لتأسيس بنية تحتية للتشكيليين السعوديين بمساعدة الرئيس الفخري للجمعية السعودية للفنون التشكيلية صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود بن عبدالعزيز، ومنها البحث عن سبل دعم مالي للجمعية وما حققه رئيس الجمعية من حصول الجمعية على أرض لبناء مقر دائم، إضافة إلى الاتفاقيات بين المؤسسات الكبرى والجامعات من جانب، وجسفت من جانب آخر، وكان آخرها إبرام اتفاقية مع أمانة منطقة الرياض، فحواها أن تقوم جسفت وفنانوها بتجميل مدينة الرياض والمحافظات القريبة منها لترتقي بالذائقة البصرية بالمجتمع؛ لتكون نقلة نوعية بالمفهوم البصري لثقافة الجمال التي تسيدها بسالف الأيام ثقافة المواعين، وكأن الدنيا خلت..! ولا يوجد بها تصاميم جميلة تستحق التجسيد في شوارع مدننا غير تلك المجسمات الشعبية التي علقت في أذهان البطون قبل العقول..!! وكوني أحد المتابعين عن كثب للمشهد التشكيلي السعودي أجد الأمير الدكتور فيصل بن محمد والناقد التشكيلي محمد المنيف نموذجَيْ الإنسان الناجح الذي تفوق بقدرته التخطيطية على مؤسسات عريقة فحسب، بل حتى على الوزارة بذاتها.
الشاهد هنا: لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر والعرفان لرئيس الجمعية التنفيذي ورئيسها الفخري لتأسيس هذه البنية التحتية للفنون التشكيلية التي سيرتكز عليها شباب وشابات هذا الوطن باختلاف اهتماماتهم وتوجهاتهم التشكيلية في المستقبل القريب والبعيد.