مع التطور التكنولوجي والقفزة التقنية التي واكبت العديد من المجالات أصبح هناك سيل من المعلومات والأخبار يصل للإنسان كل دقيقة بل كل ثانية لدرجة لم يعد الإنسان يميز بين ما هو صحيح وما هو كاذب وبين ما هو حقيقي وما هو إشاعة بل لم يعد
للإنسان خيار في تحديد ما يصل إليه سواء من خلال بريده الإلكتروني أو من خلال جواله فللأسف أصبح للتقنية الحق في أن تقتحم كل وسائلك الشخصية دون استئذان وتعرض عليك ما تشاء هي سواء وافقت أو لم توافق.
والأمل في الإنسان أن جميع ما قد يصل إليه من هذا الزخم من المعلومات هو أن لديه عقلاً يسعى من خلاله إلى التحقق والتبين وكشف الأمور والتأكد منها، ومن هنا ظهرت وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وأصبحت إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها المجتمعات وفي المقابل هي أيضاً إحدى مقومات ورموز السيادة الوطنية بل وقد تكون بالنسبة للأعداء من أقوى أسلحة الانقلاب فالاستيلاء على مقرات الإذاعة والتلفاز هي من الخطوات الأولى التي يعمدون إليها عند الاستيلاء على الحكم.
وتعد وسائل الإعلام اليوم من أقوى أدوات الاتصال العصرية التي تربط الفرد في المجتمع بمن حوله وتساهم في تفاعل الفرد مع ما حوله من أحداث محلية أو دولية، وقد ساهم الترابط الوثيق بين ثورة الاتصال وتدفق المعلومات في وضع وسائل الإعلام في المقدمة لتجعل من السماء وما فيها من أقمار صناعية بوابة مفتوحة ترسل عبرها الرسائل لتصل لجميع أرجاء المعمورة ويصبح من خلالها العالم ليس قرية صغيرة كما كان يقال بل بيت صغير يسكن فيه مليارات من الناس.
هذه الثورة في وسائل الإتصال ونقل المعلومات ووسائل الإعلام الحديثة ساهمت أيضاً في جعل الإعلام جزءاً من حياة البشر شاؤوا أم أبوا، مما جعل بناء الدولة في العصر الحديث مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالإعلام الحديث وليس التقليدي فالسياسة الإعلامية لأي دولة أصبحت أحد الأجزاء الرئيسة للسياسة العامة للدولة ولا فرق في الأهمية فيما بينها وبين السياسة الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى الأمنية فهي تلعب دوراً رئيساً داخلياً في بناء المواطن وتحصينه ضد أي غزو إعلامي أو فكر معادٍ وذلك من خلال تنمية الوعي السياسي لدى المواطنين وإحاطتهم بما يدور من حولهم من أحداث.
ولما للإعلام من هذه الأهمية القصوى فقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة أن الإعلام شريك استراتيجي في مسيرة التنمية والتطوير التي تشهدها مكة المكرمة، مبيناً أن الإعلام بمختلف أشكاله وأنواعه، تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة تجاه نقل المعلومة بالشكل الصحيح للمتلقي ودون أن يكون في ذلك أي نوع من المبالغة والتهويل، وأضاف خلال لقائه مسؤولي الصحف في منطقة مكة المكرمة (أنتم مسؤولون ومحاسبون أمام الله سبحانه وتعالى عما تنقله وسائلكم الإعلامية مهما اختلف نوعها، عن مكة المكرمة، وعن تلك الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، والجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين للتسهيل على المعتمرين والزائرين لمكة المكرمة». ودعا أمير منطقة مكة المكرمة خلال حديثه لرؤساء التحرير وممثلي مكاتب الصحف في منطقة مكة المكرمة المرافقين له في جولته التي اطلع من خلالها على الخطة التشغيلية للحرم المكي الشريف والمعدة لصلاة عيد الفطر المبارك، والتي نفذت، بضرورة التركيز على النقد البناء ولا النقد الهادم، وكذلك على النقاط الإيجابية بعيداً عن تلك السلبيات البسيطة التي قد تصاحب أي عمل، سياسياً كان أو اجتماعياً أو اقتصادياً، مردفًا: «لا نريد أو نجد تعميداً في التركيز على نقاط الخلاف والاختلاف، وعلينا أن نساهم في تعزيز مسيرة التنمية والتطوير التي ستخدم العالم الإسلامي أجمع».
دور الإعلام وخصوصاً الحديث هو دور مهم وخطير وما زال الكثير من المسؤولين اليوم لا يقدر أو يضع وزناً لهذا الدور فهو إما يستهين به أو لا يعترف به مطلقاً فيستنكر وجوده في أي وسيلة تواصل ويرفض الاعتراف بأهمية هذه الوسائل وهذا الأمر ما لم يتم تصحيحه سيكون له دور سلبي ليس على مستوى الأفراد فقط بل والمؤسسات الحكومية والمدنية.