أليس من المقزز، والمقشعر للأبدان، أن نرقب هذا الصمت الدولي الرهيب، حيال إطلاق الجيش الإسرائيلي عمليته ضد قطاع غزة، تحت مسمى « الجرف الصامد «، والمقتبس من معاني التطهير، والصمود، كما ورد في كتابهم المقدس؟؛ وليبقى الإمعان في حصار غزة، والذي تحتجز فيه إسرائيل ما يزيد على المليوني نسمة ثمنا باهظا، والذي باتت تكلفته عالية جدا، والمضاف - أصلا - إلى رصيد المقاومة الفلسطينية، وذلك من خلال التعبير عن الحالة الإستراتيجية الإسرائيلية في تحقيق جزء من أحلام الكيان الصهيوني، والقضاء على روح المقاومة الفلسطينية.
في معركة غير متكافئة، وفيما الحرب العدوانية تتواصل، فإن إسرائيل تسعى إلى إفشال حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، والعمل على القضاء على تجربة المصالحة الوطنية الفلسطينية، - خصوصا - بعد انهيار المفاوضات الأخيرة بين الفلسطينيين، والإسرائيليين، من خلال حملاتها الإجرامية، والاستمرار في استخدام القوة العسكرية؛ من أجل أن تبرر حالة الحرب الدائمة، والتي تريد لها ألا تنتهي.
كلما تعقدت الأمور على الأرض، تشكلت الاصطفافات - الإقليمية والدولية - المتعاطفة مع الفلسطينيين، والمناهضة في نفس التوقيت للإسرائيليين. مع أني لا أستطيع - أيضا - إغفال مزايدات أصحاب الأجندات - الإقليمية والدولية -؛ من أجل تمرير مصالحهم المتعارضة على حساب مستقبل القضية الفلسطينية؛ حتى وإن استغلتها لحسابات تبتعد كثيرا عن الثمن الفلسطيني المدفوع - سلفا -. وهذا ما يجعلني أؤكد، على ضرورة العمل قدر الإمكان، بعدم إلحاق المشروع الوطني بأي من تلك الأجندات الخارجية.
الدم الفلسطيني يسيل؛ ولأن الأمر يتطلب موقفا وطنيا موحدا، بعيدا عن تعزيز حالة الانقسام، أو إثارة الفتنة الداخلية، فقد آن الأوان؛ للوقوف أمام المحاكم الدولية؛ لمقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيلية على ما اقترفته أيديهم من جرائم ضد الإنسانية، شريطة أن يكون ذلك بأدوات متفق عليها بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وبإرادة سياسية موحدة، وفق قاعدة إنهاء كل أشكال الانقلاب، والتحزب الممنهج، والسعي إلى ترجمة الوحدة الوطنية على أرض الواقع؛ لنستثمرالنتائج - بعد ذلك - على مسار الحقوق، والمستقبل للشعب الفلسطسني، فهو من يملك المنطق الإنساني، والقرارات الدولية، والحقوق، والعدالة؛ وحتى نستطيع قلب معطيات المعركة لمصلحة القضية الفلسطينية، دون استصدار تنازلات غير مسبوقة، تمس بالثوابت الفلسطينية.