هدنة الاثنتي عشرة ساعة التي بدأت صباح أمس أتاحت للمفاوضين والوسطاء الدوليين فرصة التقاط الأنفس للبحث جدياً في إنهاء عدوان إسرائيل على قطاع غزة، والبحث جدياً في إنهاء اعتداءات الإسرائيليين على الفلسطينيين؛ حتى يتم إقناع المقاومة الفلسطينية بوقف إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة. وإذا ما نجح الوسطاء في إنهاء الحصار المميت المفروض على قطاع غزة يصبح إنهاء عمل الأنفاق مجدياً؛ لأنه لن يكون هناك حاجة لوجود أنفاق أصلاً.
الهدنة، وإن لم يكن لها قيمة عملية في السياق العملياتي للمعارك الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أنها تفتح المجال لتطويرها؛ لتصبح هدنة حقيقية، تستمر أكثر من هذا الوقت، وقد تصل إلى أسبوع، أي إلى نهاية إجازة عيد الفطر المبارك؛ إذ تُستغل الأيام السبعة لإجراء مفاوضات، وأظنها ستكون في باريس، للبحث جدياً في وقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، الذي تسبب في مقتل أكثر من 950 شهيداً فلسطينياً، سقطوا في قطاع غزة، وحتى في الضفة الغربية بعد مشاركة المستوطنين الإرهابيين في قتل المتظاهرين الفلسطينيين.
ويهدف الوسطاء إلى تطوير هذه الهدنة من خلال البحث في التوصل إلى صيغة توقف سلسلة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة بواقع سنتين، منذ عام 2006م. ويستلهم الوسطاء ما تم بين المقاومة اللبنانية وإسرائيل لفرض هدنة دائمة في جنوب لبنان عبر مجلس الأمن الدولي، الذي أصدر وتبنى قراراً دولياً، فرض على إسرائيل وقف اعتداءاتها على جنوب لبنان مقابل وقف إطلاق صواريخ المقاومة اللبنانية على المدن الإسرائيلية.
والصيغة التي يعمل الأمريكيون والفرنسيون على إبرامها بين الفلسطينيين والإسرائيليين تستوجب حلاً شبيهاً بالذي تم بين اللبنانيين والإسرائيليين، يتمثل في وقف المقاومة الفلسطينية إطلاق صواريخ على إسرائيل، ووقف عمل الأنفاق، مقابل رفع الحصار كاملاً عن قطاع غزة بفتح المعابر، والسماح بتوسيع التحرك في البحر أمام سواحل غزة، بالسماح للصيادين بكسب رزقهم من البحر، وترك المزارعين يقومون بعملهم في المناطق الحدودية، بمعنى إعادة الحياة الطبيعية لأهل غزة، مقابل وقف العمليات وإطلاق الصواريخ، وأن يتم ذلك عبر قرار لمجلس الأمن الدولي، يفرض على جميع الأطراف احترامه، ويؤمِّن صموده مثلما صمد اتفاق التفاهم في جنوب لبنان.