لم يبقَ إلا إزاحة نوري المالكي ليعود العراق إلى وضعه الطبيعي

حتى الآن تراوح الأزمة العراقية التي أوجدها نوري المالكي الذي فرض نفسه بدعم إيراني وأمريكي حاكماً مطلقاً على العراق، مقصياً كل الطوائف السياسية والإثنية العراقية باستثناء مكونه المذهبي الذي جعل منه المالكي مسئولاً على جميع وزارات ودوائر الدولة العراقية، من خلال هيمنة أعضاء حزبه حزب الدعوة على تلك الوزارات، بتعيين وكلاء الوزارات والمديرين العامين، كما وجُهت الدوائر القضائية بإقصاء وإبعاد الرموز والزعماء السياسيين والدينيين وبالذات من أهل السنة الذين خصص لهم المالكي مادة تختص بهم (المادة الرابعة) التي توصم كلَّ من يخالف المالكي بالإرهاب. وبعد أن تمكن من تهميش المكون السني العربي اتجه إلى الأكراد الذين عانوا من المضايقة وسلب الحقوق، لينفرد في تقرير كل القرارات السيادية، وأوقف موازين إقليم كردستان وضيَّق على سياسييه. وبعد الانتخابات الأخيرة التي شابها الكثير من التزوير والذي مكن المالكي من الفوز بأعلى الأصوات فيها، سعى المالكي على تمديد بقائه رئيساً للحكومة العراقية، وهو ما عارضه ويعارضه بشدة جميع الطوائف العراقية والكتل السياسية بما فيها حلفاؤه من الشيعة، ومع هذا أصر المالكي وتكتله على المضي قدماً للبقاء على رأس السلطة، وهو ما فجَّر ثورة سنية في المحافظات السنية الستة غرب البلاد، إضافة إلى حزام بغداد. وقد نجح الثوار في السيطرة على جميع المحافظات السنية واقتربوا كثيراً من بغداد التي يوجد فيها العديد من أنصارهم. ولا يمكن حل ووقف هذه الثورة الشعبية السنية إلا بتنحي نوري المالكي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تنصف أهل السنة والأكراد معاً، وحتى الشيعة الذين يعانون من حكم فاسد محسوب عليهم، وإذا لم يستجب المالكي لدعوات إزاحته فإن العراق مقدم على تقسيم لا محالة منه وبالذات انفصال الأكراد في الأقليم الخاص بهم، والسنة العرب في أقليم يضم المحافظات السنية الستة إضافة إلى حزام بغداد وأجزاء كبيرة من العاصمة.

ولهذا، فإن كل القوى السياسية الوطنية العراقية والقوى الأقليمية والدولية تطالب بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية ترأسها شخصية عراقية وطنية مقبولة من السنة والأكراد، إضافة إلى أجماع الشيعة عليها، وهو ما يفرض استبدال نوري المالكي بسرعة حتى لا تتفاقم الأوضاع أسوء مما هي عليه الآن. وبما أن السنة العرب قد انتخبوا الدكتور سليم الجنوري رئيساً للنواب، والأكراد الدكتور فؤاد معصوم رئيساً للجمهورية، فإن العراقيين والعرب وكل القوى الدولية في انتظار شيعة العراق يرشحوا شخصية عراقية غير مستفزة وتعمل لصالح العراق وليس ممثلة لإيران.