نوشك أن نودِّع شهر الخير والبركة، شهر رمضان الكريم، وقد نهل المؤمنون الكثير من البركات وكسبوا الكثير من الحسنات والثواب، إلا أن فئة ممن يحملون لقب «التجار» فضلوا مكاسب الدنيا على الآخرة، فقد لاحظ العديد من المواطنين والمقيمين أن السلع الغذائية والملابس قد ارتفعت أسعارها عن العام الماضي، رغم أن تقارير منظمة الأمم المتحدة للزراعة «الفاو» قد ذكرت بأن الأسعار لهذا العام قد انخفضت بشكل كبير.
ولقد تأكدت شخصياً من خلال قيامي بالتسوق أكثر من مرة أن أسعار هذا العام بالنسبة للمواد الغذائية قد تضاعفت دون سبب، رغم مناشدة وزارة التجارة والعلماء والمشايخ للتجار الجشعين أن يتقوا الله ويخففوا عن إخوانهم المسلمين، إلا أن الجشع والطمع طبع على قلوب الكثير منهم، ولم تردعهم إجراءات وزارة التجارة التي شهدت نشاطاً ملحوظاً في متابعة ومراقبة الأسواق، إلا أن التفاهمات والاتفاقيات التي يعقدها التجار الموردون حالت دون الوصول إلى الأسعار المعقولة. وقد لاحظ المتابعون أن الأسعار في أسواق المملكة خصوصاً في شهر رمضان المبارك أعلى من نظيراتها في أسواق الدول المجاورة.
ومع أن وزير التجارة حريص على ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق، وقد شوهد أكثر من مرة وهو يفاجئ الأسواق بزيارات ميدانية، وهذا إجراء لم يتعوده المواطنون من وزراء سابقين. وأنه حريص على تطبيق الأنظمة والمتابعة الدقيقة لما يقدم للمواطنين والمقيمين من خدمات ما بعد البيع، وأن تكون السلع سليمة، وهو ما انعكس على موظفي الوزارة التي كثفت من حملات التفتيش، إلا أن كل ذلك لم ينجح في الحد من غلاء الأسعار، وكل ذلك مرده إلى تكتل التجار والجشع الزائد عن الحد، وهو ما يستدعي البحث عن وسيلة لكسر احتكار فئة قليلة تسيطر على الأسواق، من خلال تكوين جمعيات تعاونية خاصة بالأحياء والمدن الصغيرة يتاح لها الاستيراد وكسر احتكار التجار. وعلى وزير التجارة صاحب المبادرات الطيبة أن يبحث عن وسائل ناجعة للحد من هيمنة وطمع التجار لصالح المواطن الذي لا يعرف كيف يواجه موجة الغلاء، والمتسبب به فئة لا يهمها إلا الربح السريع على حساب الوطن والمواطن.