قرار خادم الحرمين الشريفين بإنشاء أحد عشر استاداً رياضياً في مناطق مختلفةٍ من المملكة يعكس الخطة الإستراتيجية المرسومة التي تتطلب من مختلف المؤسسات الحكومية أن تعمل في إطارها ومنها مؤسسة التربية والتعليم، حيث لا يخفى على القائمين عليها أهمية المرحلة العمرية للمراهقين كمرحلة حاسمة من مراحل تنفيذ الخطة الإستراتيجية، كما لا يخفى على خبراء التربية والتعليم كثرة الفوائد التى لا تُحصى عندما يمارس المراهقون الرياضة في المدارس الثانوية العامة ابتداءً من تكوين الصداقات الفردية الحميمة إلى الصداقات الجماعية وبناء الفريق الواحد إلى شحذ المهارات البدنية والشخصية، فمن خلال النشاط الرياضي المدرسي يكتشف الرياضيون تحديات الفوز أو الهزيمة. وعلى الرغم من كثرة فوائد ممارسة الرياضة إلا أن المراهقين المشاركين في المنافسات الرياضية المدرسية عليهم التوفيق والموازنة بين متطلبات النشاط الرياضي المدرسي وبين مخاطر الانجراف نحو التركيز المكثف بشكل مفرط على هدف الفوزـ الذي يمكن أن يكون شديد التحفيزـ فيؤدي إلى سلوكيات مدمرة لصحة الرياضي العامة ورفاهيته في الحياة. وتنظيم دوري رياضي للمدارس الثانوية العامة ؛ حتى وإن أصبح جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الدراسية، سيتطلب من المراهقين ومن آبائهم اتخاذ قرارات واعية بشأن مشاركة أولادهم في ذلك الدوري وما يحمله من تأثيرات إيجابية أوسلبية على سلوكياتهم سواء كان دوري للأنشطة الفردية أو رياضات جماعية، وبمعنى آخر من الضروري وجود تعاون وتنسيق بين البيت والمدرسة لمشاركة المراهقين في المنافسات الرياضية المدرسية. لأن جميع أنواع الرياضات في المدارس الثانوية العامة مصممة أساساً لمساعدة المراهقين لتطوير المواهب الفردية والمهارات الجماعية للتعامل مع الآخرين. فالرياضة تقدم للمراهقين متنفساً مادياً لتصريف طاقاتهم، وتنفيس عواطفهم. ومن المعلوم أن التغير الهرموني في الجسم يلعب دوراً اساسياً في تغيير المزاج والأفكار لدى المراهقين، والمنافسة الرياضية تهيئ لهم الفرصة للتفاعل مع أقرانهم، والتفاعل مع المدربين، والموجهين أثناء مساعدتهم للمراهقين في إدراك أبعاد قدراتهم ومهاراتهم ومواهبهم. فعندما يشارك الأطفال والمراهقون في الأنشطة والمنافسات الجماعية يتعلمون مهارات مختلفة قابلة للتطبيق في مناسبات مختلفة داخل الملاعب وخارجها، فمن خلال المنافسات الشريفة التي تقوم على التدريبات وإقرارلجوائز والمكافآت، يمكن ترسيخ أخلاقيات العمل الجماعي التي تعزز مهارات المراهقين في الاعتماد على الذات والتفاعل مع أعضاء الفريق الواحد، وتطوير هيكلية جديدة للدوافع الذاتية، والانضباط، والمسؤولية الفردية. وقد وجد الباحثون في معهد دراسات رياضة الشباب التابع لجامعة متشيجن الأمريكية (أن الأطفال الذين يشاركون في رياضات منظمة يحققون نتائج أفضل في المدرسة، ولديهم مهارات تفاعلية متميزة، ولديهم منحى العمل الجماعي، وصحتهم العامة أفضل. كما جاء في تقرير عام 2003م مزيداً من المؤشرات التي تدل على أن الرياضة المنظمة تُحدث في نفوس المراهقين مجموعةً من التطورات ومنها: المرونة، وإدارة الوقت والتحكم في السلوك والسيطرة على الانطباعات، وقدرات التفكير على المدى الطويل). والدين الإسلامي يحض على المنافسة كما جاء في الحديث النبوي الذي رواه أبو داود وصححه الألباني (لا سبق إلا فى نصلٍ أو خفٍ أو حافرٍ)، كما يستشهد كثير من العلماء على مشروعية الرياضة بفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما سابق عائشة فسبقته وسبقها، والذي يدل أيضاً على إعجاز النبوة فلو كان سباقه صلى الله عليه وسلم مع رجل لفسرها العلماء أن الرياضة تقتصر على الرجال دون النساء، وقد استطاع الفاروق رضي الله عنه فهم أبعاد الفعل النبوي فقال علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل وهذا الفهم العبقري يجسد ثلاث بطولات بمعايير الأولمبياد الحديث، ولتصميم برامج رياضية بمعايير حديثة، علينا أن نفهم أبعاد الفعل النبوي كما فهمه الفاروق رضي الله عنه.
الخلاصة
إن تحقيق التوازن في شخصية المراهق الرياضي يتوقف على مشاركة مختلف المؤسسات المتصلة بتربية الشباب وتعليمهم، ومنها المؤسسة الدينية عندما تهدف إلى تحقيق التوازن بين الرياضة والتدين، من خلال التطبيق العملي المعاصر للحديث النبوي الشريف المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير.