العقيدة العسكرية هي المرجعية للجيش ودليله للعمل العسكري، وتشمل الثوابت العسكرية ودرجات الاستعداد للجيش والأقسام العسكرية المناط بها تحقيق المهام الكلية، والاستخبارات إحدى الوسائل التي تخدم العقيدة والفشل الاستخباراتي يُعرض الجيش لخطر الهجوم المفاجئ فيصيبه الارتباك والذعر عندما يأخذه على حين غرة، إلا إذا كان مدرباً تدريباً جيداً وذا عقيدة عسكرية وطنية فسرعان ما يستعيد توازنه بعد صدمة المفاجأة ويتجاوزها ليقوم بالرد المناسب، بعكس الجيش المُسَّيس المبني على الطائفية ويعاني من تفشي الفساد، عندها يصبح معرضاً لسرعة الانهيار أمام وطأة أي هجوم مفاجئ، مثل هجوم داعش على مدينة الموصل العراقية الذي على إثره انهارت الأجهزة الأمنية للأسباب التالية، أولاً: التجنيد يتم بناءً على الانتماء السياسي والطائفي. ثانياً : الترقيات العسكرية ليس بناءً على الاختصاص والكفاءة، وإنما على المحسوبية والإكراميات التي يتلقاها قادة الفرق العسكرية، ثالثاً : إبعاد الطائفة السنية عن المنظومة الأمنية وعزلها ترتب عليه صعوبة جمع المعلومات الاستخباراتية عن أي حراك سني تشكل على الأراضي التي تسكنها الطائفة السنية. رابعاً : الفساد في المنظومة الأمنية ومنها الرشاوى والعمولات والابتزاز، خامساً : الصراعات الطائفية داخل البرلمان والاقتتال البيروقراطي داخل الحكومة العراقية، سادساً : خسارة العراق لتقنية الإنذار المبكر التي كانت توفرها أمريكا قبل انسحابها من العراق في 2011 م، سابعاً : العراق يقع تحت مراقبة الأقمار الصناعية الأمريكية ولم تُبلّغ واشنطن حكومة المالكي عن حركة حشود وعربات داعش باتجاه الموصل الذي جعل المراقبين يتساءلون عن سبب الصمت الأمريكي.
إن انهيار القوى الأمنية العراقية في الموصل نتيجة هجوم داعش المفاجئ رصدته الخارجية الأمريكية فوراً فسارعت إلى إعلانه كالتالي : (هناك انهيار في بنية الأجهزة الأمنيـة العراقية)؛ ونتيجة انهيار الروح المعنوية سرعان ما انتشر الذعر بين أفراد الأجهزة الأمنية في كل من تكريت وغيرها من المدن والمحافظات العراقية، فأصبحت لقماً سائغة لتنظيم داعش المتجه جنوباً، وفي طريقه إلى بغداد احتل داعش مزيداً من المدن العراقية ورفع فيها راياته السوداء، ولكن من المستبعد أن تسيطر داعش على مدينة بغداد في ظل الدعم الإيراني لحكومة المالكي الطائفية، التي ستواجه مهمة صعبة في إعادة بناء الجيش العراقي أو حتى ترميمه من الأضرار التي أصابته.
كما أن استجابة أمريكا لطلب المالكي من الأسلحة النوعية للجيش العراقي، سيزيد من حصة داعش من غنائم المعارك التي يخلفها الجيش العراقي المذعور.
الخلاصة:
إن الفشل الاستخباراتي لوزارة الدفاع العراقية مكن تنظيم داعش من تحقيق عنصر المفاجأة في هجومه على الموصل ثاني أكبر المدن العراقية. ومساعدة إيران للمالكي لمحاولة القضاء على داعش سيزيد من الانقسام الطائفي، وبالتالي إطالة عمر تنظيم داعش لعدة سنوات على المنطقة الجغرافية العريضة التي غنمها.