استرعى انتباهي كلمة وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز أثناء اجتماعه بقادة ومنسوبي الألوية والوحدات الميدانية والمساندة بعد جولته التفقدية للألوية والوحدات الميدانية والمساندة بخشم العان، والتي عبر فيها سموه عن محبته الخالصة لرجال الحرس الوطني المعروفون بشهامتهم وتفانيهم وخدمتهم لوطنهم أسوة بزملائهم في وزارة الداخلية ووزارة الدفاع الذين ضربوا أروع الأمثلة في الذود عن مقدرات وممتلكات وحدود وأرواح أبناء الوطن، ونود سرد قصة حدثت أثناء حرب الخليج الثانية تبرهن وتؤكد شجاعة جنودنا البواسل.
حدثني رجل شارك في حرب الخليج الثانية، وكان ضمن الجنود البواسل الذين كان لهم شرف الدفاع عن أرض - المملكة والكويت - إبان حرب الخليج الثانية عام 1992م، وحين كان يتحدث عن بعض الصور والأحداث والمواقف تشعُر بأنه يمتلك تصورا شاملاً حول مجريات الأحداث والمواقف التي شاهدها وشارك فيها يقول حاكيا القصة:
حين لاحظ أحد الضباط الأمريكان أعداداً كبيرة من الجنود السعوديين لا ينتظرون أجهزة كشف الألغام، وكذلك لا يضعون على أفواههم (الكمامات الواقية) تعجب واندهش وخاصة وهم على قرب من الألغام المزروعة والموضوعة.! وجه سؤالا يستفسر خلاله أحد الضباط السعوديين المرافقين الذين كانوا برفقته - صيغة السؤال -: أهؤلاء مجانين لا يعون مخاطر وأضرار السلاح الكيماوي والمتفجرات على الصحة والبدن والحياة أم هذا الفعل تعبيراً عمليا لما يتحلون به من شجاعة وبسالة وإقدام؟
أجابه الضابط المرافق بأن فعلهم صادر نتيجة الخيار الثاني، وأنهم لن يستمروا على ذلك إذا أحسوا بحقيقة ضرر الكيماوي وتلك المتفجرات
تعليقي على القصة - يبدو أن الضابط الأمريكي غاب عنه أمر مهم جداً، وهو أن الحرب قامت من أجل الدفاع والذود عن الدين والأرض والعرض، وهذا مبدأ إنساني وفريضة دينية وواجب وطني، تدعو الجندي المؤمن لأن يناضل ويقاتل ويحارب لاسترداد حقه ظلماً وعدواناً وتأديب المعتدي لئلا يعود لفعله مرة أخرى، وهو بذلك بين جائزتين وخيارين لا ثالث لهما: فإنْ وافته المنية فهو شهيد منزلته في أعلى الدرجات والمقامات وعداً ربانياً. كما قال تعالى {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. وإن أُصيب فهو على أجر ومثوبة لأن الفرار من الزحف له وعد ووعيد، فيفهم من الحديث أن الإقدام والثبات له أجره ومثوبته، كما أن القوة الحقيقية الجالبة للانتصار والفوز والغلبة في الحرب والمعركة والقتال هي «قوة الروح والإقدام والإيمان والصبر» لا كما يراها العالم المتقدم بأنها تستند على القوى المادية والصناعية والعسكرية مع أهميتها ودورها وفيتنام أقرب مثال فقد أعجزت وأنهكت أعظم قوة في العالم بثبات جنودها وإيمانهم ومعرفتهم بأرضهم.
مقترح استأذن خلاله قياداتنا العليا في القطاعات العسكرية بتقديمه وهو الاستفادة والاستعانة بالجنود البواسل الذين شاركوا وأبلوا بلاء حسنا إبان - حرب الخليج الثانية - بدورهم البطولي والإنساني والوطني، فلدى معظمهم قصص وملاحظات وتحليلات قد تثري الفكر الإستراتيجي العسكري وترتقي بتنظيمه وإعداده ولاسيما الجانب الميداني، فمعظم سيناريوهات الحروب والمعارك يعد متشابها ومتكررا كفانا الله عزَّ وجلَّ شر الحروب والمعارك.