لم تكن المفاجأة قيام سعودي بتفجير نفسه داخل سيارته المفخخة واقتحام المدخل الجنوبي في منطقة كركوك في العراق مما أدى إلى قتل وجرح أكثر من30 جندياً من البيشمركة المسلمين في رمضان!! حيث بات أبناؤنا وقوداً لحرب بدون هدف؛ ولكن المفاجأة أن يكون المفجر طبيباً درس وتعلم وأقسم اليمين للعمل والمساهمة بتوفير حياة وصحة أفضل للناس!
أحدثت تداعيات الطبيب المفجر صدمة لجميع الناس وحتى المتسامحين مع تلك الحركات والتنظيمات المشبوهة. لدرجة جعلت أسرته تتدخل لنفي قيامه بالتفجير، وزعمت أن وجوده في أماكن القتال كان بهدف علاج الجرحى، ولو كان الأمر صحيحاً لكان سفره عن طريق الحكومة السعودية وتحت مظلتها!
والحق أن تنظيم (داعش) قد هلل وكبَّر لقيام الطبيب بالتفجير ووصفه بالفارس (أبو شامان الجزراوي) نسبة للجزيرة العربية! فضلاً عن ظهور الطبيب الهالك بإحدى الصور وهو يلف على وسطه حزاماً ناسفاً، وعلى كتفه يحمل رشاشاً! وهذه الصورة مستفزة لأن «داعش» تستغل عواطف الشباب السعودي وتزج بهم في العمليات الانتحارية.
فلِمِ تستهدف داعش السعوديين بالذات؟! ولم شبابنا يتهافت على الخروج لمناطق القتال؟ ولم يُقبل أبناؤنا على الموت؟
وأرجو ألا ينسب فعلهم للبطالة أو الفقر أو شدة التدين أو بدعوى تخلي الحكومة عن شعبها؟
فالشاب الطبيب قد تعلّم في مدارس الوطن وأغدقت عليه الحكومة ألوف الريالات وابتعثته للخارج لينال المزيد من العلم والمهارة التي ستعود عليه بالخير معنوياً ومادياً، وسيفيد نفسه وأسرته ووطنه. ولكنه استبدل كل ذلك بالعمد لقتل مسلمين أكراد يخالفون معتقد تنظيم داعش الإرهابي فقط.
ولكي نوقف سيل الدم وفقدان شبابنا في مهاوي الردى؛ ينبغي محاسبة كل من يتعاطف مع ذلك التنظيم الإرهابي، ووقف جميع مراسم العزاء للهالكين وعدم تسليم جثثهم لذويهم، ومراقبة سلوك بعض أقاربهم لأن الفكر التكفيري معدٍ وخبيث. وعلى جانب آخر يجب رصد الكتابات والأفكار التي ينشرها بعض المطبلين لقيام خلافة إسلامية وهمية، والترويج للقضاء على جميع المكتسبات الحضارية التي ينعم بها المواطن بدعوى العودة لعصر الصحابة.
ولكي لا نتفاجأ بوجود معلمين ومهندسين وطيارين في صفوف القتال ـ في حرب الكل فيها خاسرـ بعد ذلك الطبيب الإرهابي؛ ينبغي توعية الأسرة بمراقبة أبنائها وتحمل المسؤولية الوطنية بصورتها الصحيحة!