مع إطلالة شهر رمضان المبارك تشاهدهم شباباً طامحين، يمارسون عملهم الخيري (تطوعاً)، وقبيل أذان المغرب وحلول موعد الإفطار يقدمون الوجبات للصائمين (المتعجلين)؛ يبتغون المثوبة والأجر العظيم من عند الله «من فطَّر صائماً كُتب له مثل أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء». وتجدهم يقفون عند الإشارات المرورية وفي الطرق السريعة يفطِّرون المسافرين، ويمارسون عملهم بحماس متقد ونفس راضية، بيد حانية، تمتد لتقدم الخير بسخاء، لا يرجون لا جزاء ولا شكوراً، في تسابق على العطاء {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، تغمرهم الفرحة والسعادة قبل فرحة الصائم عند فطره، التي تُنسيهم مشقة التعب والوقوف (ملياً) ووسط أجواء حارة ودرجات مرتفعة تلامس الـ50 درجة مئوية، بعيون ترقب السيارات وكل قادم، تقرأ فيها حبهم للخير، وحرصهم على تقديم العون للآخرين.. إنهم فتية آمنوا بربهم من شباب هذا الوطن المشرق، الذين نعتز ونفتخر بهم كثيراً (كثَّر الله من أمثالهم).
وأمام مثل هذه الصورة الناصعة لشباب آمنوا بربهم، في المقابل هناك آخرون سعوا لتشويه صورة الإسلام وخدش سماحته وجماله ومكانته من قِبل فئة خوارج هذا العصر، ممن باعوا آخرتهم بعرض من الدنيا، وسلموا عقولهم لغيرهم من أرباب الفكر الضال والمنحرف، واعتنقوا الفكر (القاعدي) بحثاً عن مطامع وأهداف خبيثة، ولا يعرفون سوى لغة التدمير والتفجير وقتل الأبرياء والأنفس المعصومة التي حرمها الله، ليحلوا حراماً ويحرموا حلالاً من خلال أفكار ومعتقدات ما أنزل الله بها من سلطان، ولا يفرقون بين الحق والباطن، لتنتهي حياتهم وشبابهم بحزام ناسف أو بتفجير سيارة مفخخة، بعد أن استُغلوا من أرباب الفتنة، وغسلوا أدمعتهم، وانساقوا إليهم؛ ليتحولوا إلى حطب يُوقد من أجل زعزعة الأمن والاستقرار وترويع الآمنين ونشر الخوف والفوضى والخراب والدمار {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّه بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّه مُتِمُّ نُورِه وَلَوْ كَرِه الْكَافِرُونَ}. وما حادثة منفذ الوديعة بمحافظة شرورة التي وقعت مؤخراً علينا ببعيد.
حفظ الله هذا الوطن من كل سوء ومكروه، وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار، وأن يرد كيد الكائدين في نحورهم، وكفانا شر شرورهم، وجعل تدبيرهم في تدميرهم.. (ووطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه).