ودّع الوطن مؤخراً أحد أبرز رجاله المخلصين الذين خدموا بكل تفانٍ وعمل بلا كلل، وصال وجال في كل موقع، ليترك بصمة واضحة للعيان وتظل بالذاكرة لا تمحى ولا تنسى .. إنه الوزير غازي القصيبي الرجل (الاستثنائي) والدبلوماسي والسياسي (المتمكن)، والأديب والروائي (الموهوب) والشاعر (الفذ)، كان مجموعة (إنسان) وغير عادي، رجل دولة من الطراز الأول رغم تسنمه للعديد من المناصب القيادية في الدولة سفيراً لبلاده في لندن، ومن ثم في البحرين، وكان وزيراً للتجارة والصناعة ووزيراً للصحة وبعد ذلك للعمل، فكان خير سفير في تحمل أعباء مسئولياته الجسيمة بكل اقتدار وحزم، وجاداً في أداء مهامه وممارسة أعماله المناطة به، وصاحب كلمة وشجاعاً في قراراته التي يتخذها من أجل خدمة وطنه وأداء الأمانة. وعندما تولّى (حقيبة) ومهام وزارة العمل (وزيراً) لها، عمل جاهداً ليكون (نصيراً) للسعودة مكافحاً عنها بكل اجتهاد، واقفاً في صف الشباب وحثهم على الجد والعمل والمثابرة، خصوصاً في المهن المختلفة اليدوية في القطاع الخاص، وفي غضون ذلك شاركهم (ميدانياً) وخاض معهم تجربة وغمار العمل في المطاعم والمحال التجارية، وارتدى (الكاب والمعطف) مشجعاً ومحفزاً لهم ولغيرهم من أمثالهم الشباب الذين يوصيهم بأنّ عليهم أن يرموا (العيب) من الشباك ويعملوا بكل اجتهاد وثقة، لأنّ العمل شرف والوطن لا يقوم إلاّ على سواعد أبنائه المخلصين الذين يحتاجهم في كل موقع وفي كل ميدان، ولأنّ (السماء لا تمطر وظائف) والتي عادة كان القصيبي (فقيد) الوطن يردّدها أمام الجميع وخصوصاً الشباب.. وخلال المناسبات التي يرعاها كان لي شرف الحضور للكثير منها، وإذا تحدث أنصت الجميع وكان (مثيراً) ويملك قدرة (وموهبة) في نظم القوافي، وسبك الكلمات وجزالة اللفظ وجمال العبارات، وإذا تكلم (أوجز)، وإذا نظّم القصيدة أجاد وأبدع (وأمتع)، حتى المؤتمرات الصحفية التي يعقدها كانت (محط) اهتمام وأنظار الصحفيين الذين يحرصون (كثيراً) على حضورها، من أجل الخروج بعناوين (مثيرة) وليست للإثارة أو للاستهلاك الإعلامي.. بقدر ما هي (الحقيقة) ووضع النقاط على الحروف.. هكذا كان الوزير غازي القصيبي صاحب (كاريزما) متفرّدة، كما كان رجلاً (غير) عادي في كل الأمور، فقده فاجعة وخسارة للوطن، وسوف يترك فراغاً كبيراً قد يصعب تعويضه.

رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.