دار حوارٌ بيني وبين الزميل محمد الرشيدي، حول واقع الأعمال التلفزيونية، اختلفتُ فيه مع رأيه بأن الكوميديا التلفزيونية توقفت بعد «طاش ما طاش»، وأكدت له بأن هذا العمل انتهى قبل أن يتم إيقافه، كما أكدتُ أن مشاكل الكوميديا التلفزيونية اليوم، هي نفس مشاكل «طاش ما طاش» بالأمس.. وهذه المشاكل تبدأ وتنتهي عند عدم وجود رؤية حقيقية لمفهوم صناعة الأعمال التلفزيونية.
لقد كانت لي تجارب طويلة، ابتدأتْ منذ أوائل الثمانينيات وحتى اليوم، سواءً في مجال المسرح أو التلفزيون، وعاصرت أجيال الرواد والأجيال التي جاءت بعدها، وربطتني بالعديد منهم علاقات حوار مستمرة، حول غياب هذه الصناعة، وحول كيف يمكن أن ندخل إلى فضاء الأعمال المتميزة عربياً وعالمياً.. ويبدو لي أن هناك مَنْ يربط نجاح العمل التلفزيوني، بالمردود المادي الذي يتمكن من تحقيقه.. وهذا الربط، فتح المجال لمسئولي القنوات التلفزيونية، لكي يحددوا ماهية الأعمال التي يدفعون عليها أكثر.. ولأن المعلن هو مَنْ سيدفع للقناة من البوابة الخلفية، فلقد صار هو من يقرر اتجاهات الأعمال والممثلين الذين يشاركون فيها.. بمعنى أن المعلن دمّر كل ما له علاقة بمفهوم الصناعة التلفزيونية الاحترافية، وحوَّلها إلى سيرك حقيقي، تحت غطاء «الجمهور يريد الفرفشة»، على مرأى ومسمع كل القيادات التلفزيونية والإعلامية.
أنا هنا لست معنياً بانتقاد الأعمال التي تُقدّم، ولا أعترض على مفهوم أن تعيش القناة على الإعلان، ولا على أن يبحث الممثل عن مصلحته المادية.. أنا هنا أضع إصبعي على الجرح الحقيقي، الذي بسببه ليست لدينا أعمال تلفزيونية محترمة.