الإعلاميون الفلسطينيون ومعهم الإعلام العربي، استفادوا كثيرا من إعلام الربيع العربي بكشف جرائم إسرائيل في حربها على غزة 2014م, وإقناع الإعلام العالمي على تناول المادة التي يقدمها الإعلام الفلسطيني, فكان إعلام غزة الداخلي ملموساً وواضحاً على ما تنشره المحطات العالمية كصور وليس كتحليل، نجح الإعلام الفلسطيني في توثيق الجرائم الإسرائيلية على غزة: أشلاء القتلى, أطفال أحرقوا بالقذائف والقنابل، تدمير البيوت، تشريد السكان.
كان من أهداف إسرائيل عمل أكبر خسائر مدنية حتى يحمل سكان غزة قيادتهم المسؤولية، لكن إعلام غزة في الداخل ومن خلفه الإعلام العربي أفشلهم ونقل للعالم صور قتل المدنيين وهدم البيوت دون أن تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة، كما أن إعلام الداخل الفلسطيني استثمر أجهزة التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية في نقل جميع جرائم الجيش الإسرائيلي وإيصالها للضمير العالمي الحي وللرأي العام الدولي، نشروها بلغات عدة: الإنجليزية، الفرنسية, الروسية، الصينية، وكثفوها بالعبرية، تم تحميلها على شبكة الإنترنت، باعتبار هذا العمل جزءاً من المواجهة ونشروها للعالم، ونتيجة لتحرك إعلام غزة الواضح فشلت إسرائيل في إقناع العالم بأنها ضحية جماعة متطرفة وتحارب منظمة إرهابية لأن صور الأطفال وأشلائهم المتناثرة والأمهات الثكالى والمنازل المدمرة تكذب أي صورة إعلامية تحاول إسرائيل صياغتها وإقناع المجتمع الدولي.
صواريخ القسام التي كانت تتهكم عليها إسرائيل لبدائيتها وتتندر منها السلطة الفلسطينية في رام الله عام 2008م, أصبحت السلاح الأكثر إزعاجاً للساسة الإسرائيليين والحكومة الأمريكية والغرب لأن بعضها دل طريقه إلى النقب، حيث مفاعل (ديمونة) هذا هو مصدر الخطر, وأيضاً استهدافها لمطار بن غور يون في تل أبيب والمدن والبلدات الجنوبية استهدفتها بالمئات من الصواريخ التي طورت وخزنت بعد حرب 2008م، ووصولها إلى النقب -ديمونة- المفاعل النووي أكثر من مرة شكل مخاوف لليهود أن تصيب صواريخ المقاومة المفاعل النووي الذي هددت إسرائيل به العرب منذ الخمسينيات الميلادية باعتباره الرادع والتوازن العسكري والتفوق النوعي، قبل أن تحوله المقاومة اللبنانية عام 2006م إلى هدف مشروع لصواريخها التي أثبتت أنها المعادل للسلاح الجوي.
صواريخ المقاومة الفلسطينية التي طورتها إلى (100) كم وقد تحصل على أطول من هذه المسافة والقوة التدميرية تخلق نوعا من التوازن في حده الأدنى، وتجعل مدن إسرائيل في مرمى نيرانها ودائرة خطرها.
العرب منذ سنوات تطالب بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وإسرائيل والغرب لا يكترثون لهذه المطالب، تتجاهل دعوات العرب، لكن حرب غزة 2014م، وإن كانت إسرائيل لا تتحدث بالعلن عن هذه الاحتمالات، إلا أن مخاوفهم واضحة من وصول الصواريخ إلى مفاعل ديمونة، هذا سيجعلهم يفكرون بشكل جدي بحل الدولتين، إسرائيل في مأزق خلقته لنفسها وتأكدت بحربها عام 2006, 2008, 2014م أن مدنها غير أمنة وأن سلاح المقاومة الذي كان لا يملك سابقاً إلا سلاح الانتحاريين وتفجير الباصات والمحطات وخطف الطائرات أصبح قادراً على الوصول إلى جميع المدن الإسرائيلية وقادراً على الوصول إلى الرادع النووي.