جرائم المرور

كتب كثير من النقاد وعلماء النفس والمصلحين والموجهين ورجال التربية ورجال الدين في كل المواقف وتحدثوا وأفاضوا حول عواقب المخالفات المرورية وما يتبعها من كوارث تعد جرائم من الدرجة الأولى.. أليس قطع الإشارة جريمة؟ نعم. وأكبر جريمة فالذي يقطع الإشارة يتجه متعمدًا لقتل آخرين أمامه.. كل دول العالم تعتبر قطع الإشارة من الجرائم الكبرى، في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً تسحب الرخصة ويحال للمحاكمة ويمنع من القيادة لفترة ويعاد تأهيله للقيادة, وإذا كان أجنبيا تكتب له سابقة وإن عاد لتكرارها يُرحل من البلد وغير ذلك من الدول, ووالله إنه لأمر يحز في النفس أن نرى أمام أعيننا عند كل إشارة من يقطعها عامدًا متعمدا سواء من الكبار الذين يفترض أن يكونوا قدوة أو الصغار والصغير يمشي على ما يشاهده من والده أو من أخيه الأكبر أو من السائق الذي يستهتر بالأنظمة وهم كثر, لذلك هنالك داء داخل المجتمع السعودي لم يتوصل له أطباء ونصحاء المجتمع ولا القوانين حتى الآن. يقول لي أحد الزملاء في أحد المصايف الجنوبية إنني أخشى على نفسي وأهلي أن أخرج بعد صلاة العصر إذ إن المصيفنن ينامون في النهار ثم ينطلقون من بعد صلاة العصر وحتى صباح اليوم التالي وفي الشوارع صراع من أجل البقاء, ويقول أخشى على نفسي وأهلي عندما تكون الإشارة خضراء أن أصطدم بأحد قاطعي الإشارة وهو منظر نشاهده في اليوم أكثر من مرة, ماذا يعني ذلك؟ يعني الاستهتار بأرواح الخلق وعدم وجود الوعي والتساهل في تطبيق الإجراءات المرورية .. وعدم التعاون بين رجال المرور والمواطنين أثناء البلاغات فنحن نبلغ عن قاطعي الإشارات وبأرقامهم ولوحاتهم ولا يتخذ بحقهم أي إجراء, وقلنا عدة مرات إن المواطن هو رجل الأمن والمرور الأول وأنه يجب على كل عاقل أن يبتعد بنفسه وأهله وأولاده عن مثل هذا السلوك المشين وينبه أولاده والسائقين لديه بالتزام الأنظمة وعدم السرعة فنحن في مقدمة شعوب العالم وفيات وحوادث مرورية وكل عام تزداد.. هذا يعني أن الوعي وتحمل المسؤولية والثقافة المرورية والأمنية معدومة كما هو الحال للحس الوطني واحترام القوانين والمساعدة على تنفيذها وردع المتهورين الذين يسعون في الشوارع فسادًا, أين الوازع الديني والأخلاقي وأين الحس الوطني أين الالتزام أين الرجولة بمعناها الحقيقي؟ هل هو في استعراض التفحيط في الشوارع والسرعة المهولة؟ أم في احترام الوطن وقيمه وأنظمته وصيانة للنفس والأرواح من العبث كما أوصانا ديننا الحنيف وشريعتنا السمحاء التي لم تترك سيئا إلا ونبهت عنه لكي نتجنبه. إن المضي في هذا الطريق والاستهتار يزيد من حوادث القتل العمد وارتكاب الجرائم المرورية الكبرى التي أصبحت عادية بالنسبة لهؤلاء المستهترين.. آن الأوان لأن يتعاون الآباء مع رجال الأمن في وقف هذا المد الجنوني وكذلك مطلوب من الكتاب والدعاه والخطباء تناول هذا الموضوع بشكل جدي وكذلك جميع وسائل الإعلام المقروءة والمرئية ووسائل الاتصال الحديثة بكافة أشكالها وأساليبها حتى نخرج من هذا الطريق المظلم الذي تستمر فيه الكوارث والوفيات يوميًا دون وازع أو رادع أو تفهم ووعي من المواطنين لمثل هذه الجرائم التي إن استمرت فستأكل من بقي من شباب وأبناء الوطن بشكل عام وأقسام الطوارئ في المستشفيات خير دليل على ما أقول.. فمتى هذا الليل ينجلي ويعود شبابنا إلى رشدهم ويتخلون عن الاستهتار بالأرواح والممتلكات ويحفظون أرواحهم وأرواح الآخرين.. متى.. متى.. متى.. والله الهادي إلى سواء السبيل.