ظاهرة الغش التجاري كانت ولا تزال منتشرة منذ القدم، إلا أنها في عصرنا الحاضر مع وجود التقنية الحديثة انتشرت انتشار النار في الهشيم، والغش التجاري أصبح من اخطر الأزمات التي يمكن أن تصيب الدولة والأفراد خاصة مع تنامي المنتجات والصناعات العالمية والمحلية، وانتشار السلع والصناعات بشكل يؤدي إلى منافسات بين المنتجات على حساب المستهلك، فيقوم بعض ضعفاء النفوس باستغلال أسماء وماركات عالمية ويقومون بتقليد هذه السلع، ومن هنا يبدأ طريق هذه الظاهرة، حيث يقوم ضعفاء النفوس بالغش التجاري من أجل التنافس غير الشريف للكسب السريع والاستفادة من خلال منتجات غير أصلية ومقلدة، بمحاولة صنع وبيع منتجات مماثلة ومشابهة للسلع الأصلية من ماركات عالمية وشركات معروفة وهو ما يعاني منه مجتمعنا في هذه الأيام، وأكثر حوادث السيارات من القطع المغشوشة وحوادث المنازل من حرائق وغيرها والغش التجاري يعتبر في نظري جريمة كبرى بحق المجتمع واستهتارا بالأرواح والأنفس، ونراه في مجتمعنا ولا نحاربه والتزاحم على البضاعة الرخيصة والمقلدة أمر في غاية الغرابة. مما ينتج عنه كوارث ليس لها أول ولا آخر.
إن الغش التجاري والتدليس انتشر بوسائل متعددة وأساليب متنوعة، ومما يؤسف له أن أغلب أساليب الغش التجاري تتم ممارستها من بعض العمالة الوافدة التي تتخذ من التستر فرصة ثمينة لنهب جيوب المواطنين، مستفيدين من بعدهم عن أعين الرقابة خاصة أننا أصبحنا من أكثر الميادين في العالم استهدافا من قبل هؤلاء المجرمين الذين يقفون خلف تصدير واستيراد تلك المنتجات والسلع المغشوشة إلى أسواقنا السعودية، والغش التجاري والتستر أصبحا يمثلان وجهان لعملة واحدة ويساهمان مجتمعين أو منفردين في انتشار البطالة للعمالة السعودية والفساد الأخلاقي والإداري، والتغرير بشريحة من المواطنين البسطاء وضعفاء النفوس الذين باعوا وطنيتهم ومصلحة المستهلك مقابل كسب غير شريف وثمن بخس نتائجه مهلكة، وهو آفة مثل آفة الأمراض المزمنة، وهو ما استشرى في أسواقنا دون رقابة صارمة وحازمة وهناك العديد من أساليب وطرق ممارسته منها.
1 - ممارسة غش المواطن المستهلك ببضائع مقلدة تشبه في ظاهرها البضائع الأصلية.
2 - ممارسة التقليد في مواصفات البضائع بعد استيرادها إضافة أو التغير عليها.
3 - ممارسة استيراد بضائع رديئة الجودة تصنع في بلد المنشأ وفق طلبات المستورد بأشكال مغرية تخدع المستهلك.
وغير ذلك من الغش عبر الوسائل الإلكترونية وهو واسع المجال، وينتج عن كل ذلك أضرار ناجمة عن هذا الغش على الوطن والمواطن يكلف الاقتصاد الوطني ما يقارب 61 مليار ريال سنويا. ويمثل المستهلك الضحية الأولى لظاهرة الغش والتقليد كما أن من أضرار الغش التجاري على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي:
1 - انتشار البطالة للعمالة السعودية والفساد الأخلاقي والإداري لدى بعض شرائح المجتمع.
2 - نهب مقدرات الاقتصاد الوطني وإنهاكه نتيجة للغش التجاري من العمالة الوافدة المتستر عليها.
3 - إرهاق ميزانية الأسرة السعودية خصوصا محدودة الدخل ببضائع ومنتجات متدنية الجودة ومهلكة وفتاكة للأنفس والممتلكات.
4 - اهتزاز هيبة الأنظمة وفعاليتها وكذلك مصداقية التجار والمواطنين المطبقين للأنظمة انطلاقا من حسهم الوطني وشعورهم بالمسؤولية تجاه مجتمعهم ووطنهم بمنتجات رخيصة الثمن ورديئة الجودة..
فهل لهذا الجرم من نهاية؟ إن على وزارة التجارة والصناعة مهمة ردع هؤلاء المجرمين.
ولابد من التوعية المستمرة بأضرار الغش التجاري وأساليب التدليس والتزوير فيه، كما لابد من حماية الصناعات الوطنية من المنافسة غير الشريفة وتفعيل نظام مكافحة الغش التجاري بكل حزم (أقول بكل حزم)، مع زيادة عدد مفتشي الضبط والمتابعة الميدانية بعد أدائهم القسم لأداء واجباتهم على أكمل وجه. والتركيز المستمر على محاربة أوكار ممارسة الغش التجاري والمجالات والأماكن التي تتيح للغشاشين ممارسة أفعالهم في الغش والتدليس والتزوير مع تعيين موظفين سعوديين مؤهلين، لديهم الحس الوطني وأمناء على الوطن والمواطن، هذا إذا أردنا أن نجفف منابع الغش ونحاربه وإلا فسوف يستشري وينخر في جسد المجتمع حتى تكون كوارثه أكبر مما نشاهده اليوم، فهل من مدكر؟!