حديث هام عن أن عدد الشركات المدرجة بسوق الأسهم السعودية يعتبر أقل من العدد المتوقع حسب قوة الاقتصاد السعودي والعدد الكبير القائم من الشركات فيه .. فأقل التقدير تشير إلى وجود نحو 700 شركة مساهمة مقفلة حتى الآن، ومعنى مقفلة أي أن المساهمة فيها مغلقة على ملاكها المؤسسين فقط.. وهم غالبا ما يتجاوزون العشرة مؤسسين .. هذه الشركات غالبا هي شركات كبرى ..
ومن جانب آخر، فإن مشكلة ومخاوف اندثار الشركات العائلية بالمملكة أصبحت واقعا ملموسا .. وخاصة بمعرفة أن عدداً من هذه الشركات العائلية تساهم بنسبة هامة في النشاط الاقتصادي بالسوق المحلي .. كثير منها بدأت في عقد السبعينات أو الثمانينات من العقد الماضي، وكثيرا منها اختفى الخليفة المؤسس أو يوشك أن يختفي، والعديد منها دبت الخلافات بين الورثة أو ما يعرف بالجيل الثاني.. ومخاوف التفكك أو التصفية قائمة بقوة. الأمر الغريب أن غالبية هذه الشركات العائلية هي شركات مساهمة مقفلة على أبناء العائلة .. وهم غير متفقين عادة، وقد يتفقون فقط على تصفية وتقسيم الشركة وتحويلها من كيان كبير ورائد إلى عدة شركات صغيرة لا تلبث أن تزول، ويخسر الاقتصاد الوطني كياناته الرائدة. السؤال الرئيسي: لماذا لا يتم إدراج هذه الشركات العائلية المقفلة في سوق الأسهم حتى الآن ؟ لماذا يصر أصحابها على عدم اللجوء لسوق الأسهم كآلية للبقاء والتوسع ؟
161 شركة مدرجة بالسوق .. مقابل 700 شركة مساهمة مقفلة
يصل عدد الشركات المساهمة القائمة بالمملكة إلى ما يناهز 882 شركة تستحوذ على نسبة 75.0% من إجمالي رؤوس أموال الشركات السعودية كلها.. هذه الشركات القائمة مدرج منها بسوق الأسهم نحو 161 شركة تتداول أسهمها في سوق الأسهم.. وتزيد قيمة رؤوس أموال الـ882 شركة مساهمة على حوالي 700 مليار ريال، في حين أن رؤوس أموال الـ161 شركة مساهمة عامة بسوق الأسهم تصل إلى نحو 460 مليار ريال (مستبعداً منها علاوات الإصدار حسب إحصاءات 2014م، أي أن رؤوس أموال الشركات المقفلة يصل إلى نحو 240 مليار ريال، أي أن الشركات المقفلة تساهم بنسبة تزيد عن الثلث في إجمالي الاقتصاد الوطني، حيث من المتوقع أن تحقق هذه الشركات المقفلة إيرادات ودخول تتجاوز 55 مليار ريال.. إن السؤال الهام: لماذا لا يتم إدراج هذه الشركات بسوق الأسهم؟.
عشرات الشركات العائلية الكبرى .. تغرد خارج سوق الأسهم
سعودي أوجيه، وشركة بن لادن للمقاولات، والعمودي ... وغيرها الكثيرون .. هي شركات تأخذ أسماء عائلات، وتشير التقارير إلى أن استثمارات هذه الشركات العائلية بالمملكة تزيد عن 350 مليار ريال، وأنها تساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تفوق 12.0%، وأنها توظف ما يناهز نصف مليون موظف .. بل في الاعتقاد أن نحو (50) شركة منها تتجاوز عائداتها حوالي 150 مليار ريال، وأن هذه الـ(50) شركة تعد ضمن أكبر (100) شركة سعودية .. ونسبة تزيد عن 90% من هذه الشركات تمثل قيمة اقتصادية واجتماعية بالسوق المحلي.
الأمر الأكثر أهمية أن كافة الدراسات توصلت إلى أن ”وفاة مؤسس الشركة قد يسهم بشكل كبير في انهيار الشركة أو فشلها أو تراجع نجاحاتها» .. وفي أي من الحالات الثلاث، فإن الاقتصاد الوطني سيخسر قيمة اقتصادية حقيقية .. بل إن بعض التقارير تشير إلى أنه يوجد ما يزيد عن 15 مليار ريال تعتبر أموالاً مجمدة في الشركات العائلية بسبب النزاعات بين أفراد عائلات.
إن امتناع أو تباطؤ تحرك هذه الشركات العائلية تجاه الإدراج بسوق الأسهم ينبع غالبا من عدم رغبة العائلة في ذوبان الملكية، أو رؤيتهم بأن الشركة تحقق أرباح مهولة أو أن تشتت الملكية وتوزعها على عدد كبير من المساهمين يضعف سيطرتهم على الشركة، أو أنهم في غير حاجة إلى رؤوس أموال جديدة من سوق الأسهم، أو نتيجة مخاوفهم من تحول ملكيتهم للغير .. الأهم والأغلب هي عوامل نفسية أكثر منها اقتصادية أو مالية .. لأنه اقتصاديا وماليا «سوق الأسهم أكثر حفاظا على هذه الشركات لأنه يصونها من خلافات أفراد العائلة».