تمثل العلاقات السعودية المصرية نموذجاً فريداً للعلاقات بين دولتين كبيرتين أساسها الاحترام المتبادل والتكافؤ والتوازن، حيث تعمل كل منهما على دعم الأمن والاستقرار والسلام الدولي والسلام في الشرق الأوسط ودعم القضايا العربية والاسلامية والدولية.
وعندما نتحدث عن العلاقات السعودية المصرية المتميزة نذكر دائما الملك عبد العزيز رحمه الله في فكره الثاقب ونظره البعيد وذكائه الفطري، حيث كانت سياسته الحكيمة - ثم وصيته لأبنائه - بأن خير العروبة والاسلام وما ينتظر هذه الأمة من مجد يتمثل في التعاون الوثيق لحكومتي وشعبي المملكة العربية السعودية ومصر في كل العصور وتحت كل الظروف.
فالمملكة شرفها الله بواجب خدمة المقدسات وحمايتها وحمل رسالة الإسلام الخالدة التي أنارت العالم أجمع.. ومصر التي أثرت التاريخ بما قدمت من معالم الحضارة قطبان كبيران في العمل العربي والإسلامي الموحد.
تحدث الملك عبد العزيز عن هذه العلاقة فقال: (وما كنا لننسى مصر الكريمة وصلاتها بشقيقتها المملكة العربية السعودية فكان من حظ البلدين توثيق الروابط بينهما وتوحيد جهودهما في سياستهما وإقامة تعاون بينهما على أوثق الدعائم).
الملك عبدالعزيز كان حريصاً على تقوية العلاقات مع مصر حيث قال: (ان العلاقة بمصر وتوثيقها هي قدوة وأمل جميع العرب) وقال: «لا عرب بدون مصر ولا مصر بدون عرب»، ويسجل التاريخ زيارة الملك فاروق للمملكة في 25 يناير 1945 لدعم العلاقة بين الدولتين الشقيقتين لتتلوها زيارة الملك عبد العزيز لمصر بتاريخ 7 يناير 1946، تلك الزيارات المتبادلة كان باعثها بتلك الفترة من التاريخ العربي توحيد الصفوف نحو وحدة عربية خرج من رحمها تأسيس الجامعة العربية التي جاء تأسيسها عام 1945م قبل ميلاد الأمم المتحدة بعدة أشهر، ومما لا شك فيه ان المملكة ومصر كان لهما الدور الرئيس آنذاك وحتى اليوم في قيادة العالم العربي.
وقد سجل تاريخ العلاقات بين البلدين الشقيقين اهتمام أبناء الملك المؤسس بتنفيذ هذه الوصية، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز له مواقفه المشرفة تجاه مصر وأهلها، وحقيقة الأمر انه حفظه الله صاحب نخوة عربية وشهامة وشجاعة وحزم وعزم فهذه بعض مواقفه أمينا على وصية والده الملك عبد العزيز رحمه الله الذي أوصى أنجاله من بعده بمصر والشعب المصري الشقيق، هذا لأن المملكة ومصر بتلاقيهما واقترابهما من بعض يمثلان نواة فاعليات العمل العربي المشترك للوصول إلى الأهداف الخيّرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية.
وقد تعددت لقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك عندما كان وليا للعهد ثم بعد ان أصبح ملكاً، ففي 30 محرم 1418هـ قام الملك عبدالله بزيارة رسمية الى مصر، يقول خادم الحرمين الشريفين: (ان هذه الأمة الحضارية ستأخذ مكانها في عالم اليوم ونلتقي وإياها على مفاهيم واسعة لا تضيق بحقائق وايجابيات هذه الحضارة المعاصرة.. كلي تفاؤل برغم كل ما تعانيه أمتنا من محن سياسية، واجتماعية، وأمنية، واقتصادية، مع هذا يا فخامة الرئيس الى السلام العادل نسعى معا ونوليه ولاءنا السياسي والاخلاقي ما أمكننا ذلك لنتحاشى بذلك الكوارث والفوضى في هذه المنطقة الحيوية والمليئة بالتعقيدات المزمنة، لا يوقفنا عن ذلك دعاة الحروب والفتن، وما تجره من ورائها من مضاعفات)، كما قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة رسمية أخرى لمصر بتاريخ 20 صفر 1420هـ، ثم قام بزيارة ثالثة بتاريخ 23 ذي القعدة 1420هـ وفي 26 ربيع الاول 1421هـ قام بزيارة لجمهورية مصر، كما قام بزيارتها في 11 ربيع الآخر 1422هـ.
وفي كل واحدة من هذه الزيارات كان الملك عبدالله يعقد لقاء قمة مع الرئيس المصري السابق يتناول فيه القضايا العربية والاسلامية وتعزيز العلاقات بين الدولتين الشقيقتين والقضية الفلسطينية وفي مقدمتها القدس وقضايا السلام والأراضي السورية واللبنانية المحتلة.
وبتاريخ 28 صفر 1423هـ عقدت قمة ثلاثية بشرم الشيخ بين الملك عبدالله والرئيس حسني مبارك والرئيس السوري السابق لدعم عملية السلام وبلورة رؤية عربية موحدة لمواجهة اسرائيل واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتحرير الجولان ومزارع شبعا اللبنانية.
وبتاريخ 2 ربيع الآخر 1424هـ قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة مصر على رأس وفد المملكة في القمة العربية - الامريكية الذي انعقد في شرم الشيخ بتاريخ 3 ربيع الآخر 1424هـ حيث بحث الزعماء المشاركين في المؤتمر السلام في الشرق الأوسط وتطبيق خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية، والوضع في العراق ومكافحة الارهاب.
وقد قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيارة لمصر بتاريخ 12جمادى الآخر 1424هـ حيث عقد اجتماعاً مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك تناول العلاقات الثنائية وقضايا السلام، وقام بزيارة رسمية لمصر بتاريخ 10صفر 1425هـ حيث عقد اجتماعاً آخر وجرى خلال الاجتماع بحث مجمل المستجدات على الساحتين العربية والدولية والخطوات اللازمة لتهيئة المناخ المناسب لانعقاد القمة العربية في أقرب وقت ممكن لتنقية الأجواء وتوحيد الرؤى لتحقيق ما تحتاجه الأمة من توافق في الرأي وتكاتف في الجهود لتحصين العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات التي لا تخفى على أحد، ومن الزيارات الرسمية التي قام بها الرئيس مبارك للمملكة بدعوة من خادم الحرمين الشريفين زيارته للمملكة في شهر ذي القعدة 1425 لحضور أعمال القمة الإسلامية الاستثنائية التي انعقدت بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين.
كما قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتاريخ 27 ربيع الأول 1426هـ بزيارة رسمية الى مصر وعقد اجتماعاً تناول مجمل الوضع على الساحة العربية مع التركيز على القضية الفلسطينية والعراق وجرت مشاورات موسعة بين القائدين تناولت سبل تعزيز العلاقات الوطيدة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وفي شهر رمضان المبارك 1426هـ جاءت الزيارة الرسمية للرئيس المصري السابق حسني مبارك للمملكة للقاء خادم الحرمين الشريفين حيث تركزت المباحثات على الأوضاع في المنطقة ووضع رؤية مستقبلية بشأن القضايا والتحديات التي كانت تمر بها المنطقة، تلتها زيارة أخرى للرئيس مبارك للمملكة في شهر ذي الحجة 1426 للتنسيق بين البلدين حول مجمل القضايا العربية والدولية وفي شهر محرم 1427 زار الرئيس المصري السابق المملكة وقد تناولت المحادثات عددا من القضايا العربية والدولية.
وجاءت القمة السعودية المصرية التي عقدت بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري السابق في الرابع من جمادى الأولى 1427هـ في شرم الشيخ التي بحثت عملية السلام في فلسطين ونتائج الاتصالات مع الادارة الأمريكية والمجتمع الدولي للسماح بإدخال المعونات المالية للشعب الفلسطيني واحترام خيارهم الديمقراطي وتحريك عملية السلام وفق المرجعيات التي اقرتها القمة العربية في بيروت عام 2002م على أساس مبادرة السلام العربية، وفي شهر رجب من نفس العام قام الرئيس المصري السابق حسني مبارك بزيارة للمملكة وتناولت المباحثات الوضع المتأزم على الساحة اللبنانية آنذاك وسبل احتواء التصعيد الإسرائيلي.
وبتاريخ 11 محرم 1428هـ قام خادم الحرمين الشريفين بزيارة إلى جمهورية مصر العربية حيث عقد اجتماعا آخر في القاهرة جرى خلاله بحث مجمل الأحداث والتطورات على الساحة العربية والاسلامية والدولية، وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام في المنطقة، وضرورة الوصول إلى حل عادل وشامل يضمن للفلسطينيين إقامة دولتهم المستقلة على ترابها الوطني، وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، كما تناولت المباحثات الوضع في لبنان، وأهمية الحفاظ على أمن لبنان وسيادته واستقلال قراره وتطرق الزعيمان إلى الوضع في العراق، وكذلك إلى عدد من القضايا التي تهم البلدين، وفي اطار الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين كانت زيارة الرئيس مبارك للمملكة في شهر صفر 1428 حيث ركزت المباحثات على الأوضاع في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها من القضايا الهامة على الساحتين العربية والدولية وفي شهر ربيع الأول 1428 جاءت زيارة الرئيس المصري لحضور اعمال القمة العربية التي انعقدت في العاصمة الرياض في ذلك التاريخ تلتها زيارة أخرى قام بها الرئيس مبارك للمملكة في شهر رمضان المبارك 1428 حيث تم خلال الزيارة بحث العلاقات الثنائية بين البلدين ومجمل القضايا العربية والدولية.
وبتاريخ 30 شوال 1428هـ عقد خادم الحرمين الشريفين اجتماعا مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين لجمهورية مصر العربية وجرى خلال الاجتماع بحث مجمل الأحداث والتطورات على الساحات العربية والاسلامية والدولية وفي مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية وعملية السلام في المنطقة وضرورة الوصول إلى حل عادل وشامل يضمن للفلسطينيين اقامة دولتهم المستقلة على ترابها الوطني وفقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وتطرق الزعيمان إلى الوضع في العراق وكذلك إلى عدد من القضايا التي تهم البلدين.
وبتاريخ 15 صفر 1429 كانت زيارة الرئيس المصري السابق للمملكة حيث ركزت المباحثات على تعزيز التعاون بين الدولتين وبحث مجمل القضايا العربية والدولية.
وبتاريخ 26 جمادى الآخر 1429جاءت زيارة الرئيس مبارك للمملكة للقاء خادم الحرمين الشريفين حيث تناولت المحادثات الوضع على الساحة اللبنانية والوضع بالعراق ودار فور الى جانب العلاقات الثنائية بين البلدين، وفي 12 شعبان 1429هـ قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة لمصر حيث بحث مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك في جلسة مباحثات بقصر التين بالإسكندرية مجمل الأوضاع العربية والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وبتاريخ 7 ذي الحجة 1429 زار الرئيس مبارك المملكة حيث رعى الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس حسني مبارك بمقر ميناء جدة الإسلامية حفل تدشين السفينتين السريعتين لنقل الركاب بين السعودية ومصر وهاتان السفينتان هديتان من المملكة للشعب المصري، وبتاريخ 14 ربيع الأول 1430 قام الرئيس المصري السابق بزيارة للمملكة حيث تم بحث آفاق التعاون بين الدولتين ومجمل القضايا العربية والدولية.
كما قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة إلى مصر بتاريخ 6 رجب 1430هـ وعقد مع أخيه الرئيس المصري السابق حسني مبارك جلسة مباحثات في مركز المؤتمرات بشرم الشيخ وجرى خلال الجلسة بحث تطورات القضية الفلسطينية والجهود المصرية لتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني وكذلك عملية السلام في المنطقة وأهمية تحقيق سلام عادل وشامل يضمن للشعب الفلسطيني اقامة دولته المستقلة على ترابها الوطني، كما شملت المباحثات مجمل الأحداث والتطورات على الساحات العربية والاسلامية والدولية وموقف البلدين الشقيقين منها اضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات، وفي 4 محرم 1431 قام الرئيس مبارك بزيارة للمملكة حيث تم بحث العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات بالإضافة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وبتاريخ 16 شعبان 1431 قام خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة رسمية لجمهورية مصر العربية حيث عقد مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك اجتماعا ثنائيا في المركز الدولي للمؤتمرات بشرم الشيخ، حيث بحث الزعيمان مجمل الاحداث والمستجدات على الساحة العربية والاسلامية والدولية، وفي 14 محرم 1432 قام الرئيس مبارك بزيارة للمملكة وبحث الزعيمان قضية السلام والمبادرة العربية وجميع القضايا في منطقتنا العربية.
وأي خبير في الميدان السياسي والعلاقات العربية والإسلامية والدولية يدرك اهتمام خادم الحرمين الشريفين في دعم الوحدة العربية والامن العربي والسلام في الشرق الأوسط والعالم اجمع، والعلاقات الثنائية السعودية والمصرية المتميزة تمثل العمود الفقري لوحدة العرب وأمنهم وتحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولذا فإن مباحثات خادم الحرمين الشريفين خلال زياراته للشقيقة مصر ركزت على ملفات وقضايا هامة في مقدمتها تطورات القضية الفلسطينية والتعثر الذي تشهده عملية السلام ومعاناة الشعب الفلسطيني جراء الحصار وتهديم المنازل والممتلكات ومصادرة الأراضي وضرورة الوصول الى حل عادل وشامل يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بهذا الشأن.
كما تناولت المباحثات الأوضاع في العراق وأهمية الوصول الى تشكيل حكومة وطنية دون تدخل خارجي تعمل على تحقيق وأمن واستقرار ووحدة العراق الذي لازال يعيش حالة من التشتت والتفرق والتمزق والحرب الأهلية.
كما شملت المباحثات كذلك الأوضاع في لبنان وحاجته الى نبذ الفرقة بين جميع طوائفه وتحقيق الأمن والسلام لشعبه، كما شملت الأوضاع في السودان وضرورة إنهاء ما يشهده من خلافات للحفاظ على وحدة أراضيه وأمنه وسلامتها، وكذلك الوضع في الصومال والحاجة إلى إيقاف نزيف الدم وتقريب وجهات النظر لإنهاء الانقسامات والحروب وتحقيق المصالحة التي تضمن وحدة الصومال وأمنه وسلامته، كما تناولت المباحثات مجمل التطورات على الساحتين الاسلامية والدولية وموقف البلدين الشقيقين منها إضافة إلى آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها في جميع المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.....
وللحديث بقية