نصح السفير الصيني لدى المملكة الموردين السعوديين باستيراد المنتجات ذات الجودة العالية من بلاده وقال السيد لي تشنغ ون: إن الصين تحتل المركز الأول في العالم من حيث حجم الصادرات الذي يتجاوز تريليوني دولار، وتنتج كثير من الماركات العالميَّة الشهيرة في الصين.
وأوضح أن بعض الجهات المستوردة تحرص على تخفيض تكاليف الاستيراد لكسب هامش الأرباح الأكبر، فحكومة الصين تولي جانب الجودة اهتمامًا بالغًا، كما ظلَّت المؤسسات الصينية مستمرة في الدراسة والسعي لرفع شهرة ماركاتها؛ وأضاف: خلال زيارة سمو الأمير سلمان ولي العهد للصين، وقع الجانبان الصيني والسعودي اتفاقية تعاون في مجال تفتيش جودة المنتجات؛ كما قدمت القيادة الصينية إلى سمو ولي العهد مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و»طريق الحرير البحري في القرن الـ21»، الأمر الذي حظى برد إيجابيّ من الجانب السعودي وقال السفير الصيني في حوار مع «الجزيرة»: إن السنوات الأخيرة، شهدت علاقة اقتصاديَّة وتجاريَّة مُتطوِّرة بين المملكة والصين ويتوسع نطاق التعاون باستمرار، لكن ما زالت أمامنا أعمال كثيرة لنبذل جهودًا فيها.
على سبيل المثال، بوجد في الصين عدد كبير من المعدات ذات التقنية العالية ومنتجات التكنولوجيا الفائقة والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية التي تروّج في أمريكا وأوروبا، لكنها من الصعب أن تحصل على المصادقة المحليَّة والإقبال من السوق السعوديَّة. وإضافة إلى ذلك، تحتاج التجارة الثنائية إلى مزيد من التفاعل.
وأضاف: يجب على الجهات الحكوميَّة أن توفر مزيدًا من التسهيلات في السياسات والإجراءات ودعا إلى التسريع بإقامة منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، مراهنا على أنها سترفع الشراكة الاقتصاديَّة بين الجانبين، ويجب علينا جميعًا أن ندعم استئناف المفاوضات في هذا الجانب.. وفيما يلي نص الحوار مع السيد لي تشنغ ون):
* تربط الصين والسعوديَّة بعلاقات تاريخية ضاربة في الجذور.. كيف تقيّمون تطوّر الشراكة الاقتصاديَّة بين البلدين خلال العقود الزمنية الماضية؟ وما أبرز ملامح القوة والضعف في هذه الشراكة؟
- إن روابط الصداقة والتعاون بين الصين والسعوديَّة شهدت تطوَّرًا شاملاً وسريعًا منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1990م، حيث تتكثف التبادلات الثنائية وتتوسع مجالات التعاون باستمرار، وخصوصًا المتمثِّلة في التعاون الاقتصادي والتجاري ومجالات الطاقة بسرعة هائلة. وإن السعوديَّة ظلَّت أكبر شريك تجاري للصين في الدول العربيَّة والإفريقية خلال السنوات الـ12 الماضية، وإمكانات التكامل بين البلدين في مجالات الاقتصاد والطاقة قوية، حيث يحتاج نمو الاقتصاد الصيني إلى إمدادات مستقرة ومستمرة للطاقة، بينما تحتاج تنمية السعوديَّة إلى سوق استيراد الطاقة الواسعة. حاليًّا مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين ما زالت محدودة، لكن من جهة أخرى فإنّه يدل على الإمكانات الكبيرة والآفاق الواسعة للتعاون.
* مزايا التعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتَّقني بين البلدين تحمل الكثير من المؤشرات الإيجابيَّة والمنافع المتبادلة، كما أنها تمثِّل انفتاحًا ثقافيًّا وتواصلاً إِنسانيًا... ما تعليقكم؟
- إن التطوّر المستمر للتعاون الثنائي في المجالات الاقتصاديَّة والتجاريَّة والعلميَّة والتكنولوجية يحقِّق المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة، ويرجع إلى الشعبين بخيرات حقيقية، بينما يحفز التواصل الإِنساني. وذلك يذكرني بطريق الحرير القديم الذي ربط الشعبين الصيني والعربي منذ ما قبل أكثر من 2000 سنة، وإنه لم يأت بتداول السلع فحسب، بل حقق الحوار بين مختلف الحضارات وتبادل الأفكار. وخلال زيارة صاحب سمو الأمير سلمان ولي العهد إلى الصين مؤخرًا، قدّمت القيادة الصينية إليه مبادرة بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و»طريق الحرير البحري في القرن الـ21»، الأمر الذي حظى برد إيجابيّ من الجانب السعودي. وتقع السعوديَّة في نقطة التلاقي بين طريقي الحرير البري والبحري، ويجب على البلدين بذل جهود مشتركة لإحياء طريق الحرير القديم، بما يعود على الشعبين الصيني السعودي بمزيد من المنافع الملموسة، ويسهم في تعميق الحوار بين مختلف الحضارات والمحافظة على تنوع الثقافات وتعزيز السلام والاستقرار إقليميًّا وعالميًّا.
* وماذا عن «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و»طريق الحرير البحري في القرن الـ21»؟
- هي مبادرة تختص بعلاقات الصين بدول المنطقة بما فيها السعوديَّة تحمل مسمى التشارك في بناء «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» و»الطريق الحرير البحري في القرن الـ21» المشار إليهما فيما بعد بـ«الحزام مع الطريق».
والمبادرة قد تَمَّ طرحها رسميًّا من الرئيس الصيني شيجين بينغ خلال زيارته لكل من كازاخستان سبتمبر الماضي وإندونيسيا في أكتوبر الماضي، حيث تعد خطوة مهمة تتخذها الصين من أجل تعميق الإصلاح والانفتاح وخصوصًا تعزيز الانفتاح نحو غرب الصين. ومفهوم المبادرة أن «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» الذي يغطي مناطق الصين وغرب آسيا وأوروبا، و»طريق الحرير البحري في القرن الـ21» الذي يمتد من الصين إلى منطقة الخليج مرورًا بجنوب شرقي آسيا والمحيط الهندي والبحر العربي، يشكّلان حزامًا اقتصاديًّا تعاونيًا يحقِّق المنفعة والكسب للجميع ويتميز بطابع الانفتاح والتشارك. فمبادرة بناء «الحزام مع الطريق» قوامها ومحورها تعاون اقتصادي يتخذ التواصل الإنساني والثقافي دعامة مهمة لها، تلتزم هذه المبادرة بعدم التدخل في الشؤون الداخليَّة لدول المنطقة ولا تسعى وراء انتزاع الدور القيادي في الشؤون الإقليميَّة أو رسم نطاق النفوذ في المنطقة.
* وماذا عن مفاهيم وقواعد المبادرة؟
- المضمون الرئيس لبناء «الحزام مع الطريق» يتمثَّل في خمس نقاط تبرز التعاون العملي القائم على المشروعات المفصلية، وسيعود بفوائد ملموسة على شعوب الدول ذات الصلة من خلال:
(1) «تناسق السياسات» حيث يمكن لمختلف الدول إجراء التواصل بشكل وافٍ حول الإستراتيجيات والسياسات الخاصَّة بالتنمية الاقتصاديَّة، وتحديد الخطط والإجراءات للتعاون الإقليمي عبر التشاور.
(2) «ترابط الطرقات» إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى التباحث الإيجابيّ في تحسين البنية الأساسيَّة العابرة للحدود في مجال المرور، وتكوين شبكة نقل ومواصلات تربط بين مختلف المناطق في آسيا وتربط بين آسيا وأوروبا وإفريقيا.
(3) «تواصل التجارة» التباحث في سبل تسهيل التجارة والاستثمار ووضع ترتيبات ملائمة، من شأنها حلحلة الحواجز التجاريَّة والاستثمارية.
(4) «تداول العملات» توسيع نطاق تصفية الحسابات بالعملات المحليَّة وتبادل العملات، وتعزيز التعاون المالي الثنائي والمتعدد الأطراف، وإنشاء مؤسسات ماليَّة للتنمية الإقليميَّة، وخفض تكاليف المعاملات.
(5) «تفاهم العقليات» إن الصين والدول ذات الصلة بحاجة إلى توطيد القاعدة الشعبية للعلاقات الرسمية، وتفعيل التواصل والحوار بين مختلف الحضارات، وتعزيز التبادل الودي بين شعوب الدول.
إن بناء «الحزام مع الطريق» مشروع متكامل يأخذ وقتًا طويلاً، ويتطلب خطوات تدريجية توسع التعاون ابتداءً من المشروعات البسيطة والجزئية، مرورًا بالأمور الصعبة والأكثر تكاملاً، وصولاً إلى تعاون متكامل يغطي جميع المناطق. وخلال هذه العملية، تحرص الصين على حسن المعاملة بين المسؤولية الأخلاقيَّة والمصالح، وتقديم المسؤولية الأخلاقيَّة على المصالح مع مراعاة المصالح المشروعة، كما تحرص على مساعدة البلدان النامية على الإسراع بعجلة التنمية.
* العلاقة الاقتصاديَّة والبترولية جعلت الصين شريكًا للمملكة ولازالت الجهود تبذل من الطرفين لتعزيز هذه الشراكة للوصول بها إلى أعلى المستويات؟ بوجهة نظركم ما أبرز المجالات التي تحتاج إلى الارتقاء بها لتحقيق طموح قيادة البلدين؟
- أود الإشارة إلى أن التعاون المتبادل بالمنفعة في مجالات الاقتصاد والطاقة عزَّز علاقات الشراكة بين البلدين، لكنه ليس السبب الوحيد، أن الصين والسعوديَّة كلتاهما من الدول النامية، وترجع الصداقة بين الشعبين إلى زمن بعيد، ونرعي المصالح الجوهرية لبعضنا بعضًا، كما أن لدينا رؤية مشتركة سياسيًّا حيث نسعى إلى تعزيز رفاهية الشعب والحفاظ على السلام والاستقرار الإقليمي. كل ما ذكرته من الأسباب لتكون الصين والسعوديَّة صديقتين حميمتين. منذ سنوات عديدة، وخلال زيارة سمو الأمير سلمان ولي العهد الأخيرة للصين، ترى القيادتان الصينية والسعوديَّة أن رفع مستوى علاقات الصداقة الإستراتيجية بين البلدين يَتّفق مع المصالح المشتركة بين الشعبين. وأظن أن تحقيق ذلك يحتاج إلى تعاون وتبادلات واسعة النِّطاق، ويجب على الجانبين توطيد الثقة السياسيَّة المتبادلة وتكثيف التواصل، والاستمرار في دفع التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة مع توسيع مجالات التعاون مثل الاستثمارات والطاقة المتجدِّدة والتكنولوجيا العالية.
* فشلت الصين حتَّى الآن في تغيير انطباع المستهلك العربي حول المنتجات الصينية التي توصف في المنطقة العربيَّة ومنطقة الشرق الأوسط بأنها منتجات «رديئة الصنع».. ما تعليقكم؟ وما الجهود التي تبذلونها في سبيل تصحيح هذا الفهم السائد؟
- جاء هذا الانطباع نتيجة أسباب عديدة. فالصين لا ينقصها المنتج عالي الجودة، وإلا فلا يمكن أن تحتلَّ الصين المقام الأول في العالم من حيث حجم الصادرات الذي يتجاوز تريليوني دولار، ولا يمكن أن تنتج كثيرًا من الماركات العالميَّة الشهيرة في الصين. وفي الوقت نفسه، توجد فعلاً فجوة بين الصين والدول المتقدِّمة في فنون التصنيع لمجالات كثيرة، وأيْضًا تحتاج الصين إلى تشديد الرقابة على جودة المنتجات الصادرة. إضافة إلى ذلك، تحاول بعض الجهات المستوردة تخفيض تكاليف الاستيراد لكسب هامش الأرباح الأكبر، ويختار المستهلكون منتجات متباينة الجودة. لكن أريد التأكيد هنا أن السعر المنخفض لا يمكن أن يكون سبب الجودة الرديئة. إن المنتجات تعد بطاقة الهوية للدولة. فمن أجل حل هذه المشكلة، يجب رفع جودة المنتجات أولاً، فحكومة الصين تولي هذا الجانب اهتمامًا بالغًا، كما ظلَّت المؤسسات الصينية مستمرة في الدراسة والسعي لرفع شهرة ماركاتها؛ وثانيًّا، يجب تعزيز الرقابة والإدارة ومنع المنتجات الرديئة من «الخروج» و»الدخول». وخلال زيارة سمو الأمير سلمان ولي العهد للصين، وقع الجانبان الصيني والسعودي اتفاقية التعاون في مجال تفتيش جودة المنتجات؛ وثالثًا، نرحب بأصدقائنا السعوديين لاستيراد مزيد من المنتجات الصينية الرفيعة الجودة، بما فيها السكك الحديدية الفائقة السرعة والأقمار الاصطناعية، وأدوات الطبخ والأكواب، فلدينا منتجات متميزة كثيرة.
* التبادل التجاري بين البلدين يحظى بنشاط دائم، هل لكم اطلاعنا على حجم التجارة البينية بين المملكة والصين وفي أيّ المجالات تتركز؟
- في عام 2013م، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 72.2 مليار دولار، حيث بلغ حجم صادرات الصين إلى السعوديَّة 18.74 مليار دولار، وتتركز أكبر الحصة منها في المنتجات الميكانيكية والإلكترونية ومنتجات النسيج والملتزمات اليومية؛ وبلغ حجم صادرات السعوديَّة إلى الصين 53.46 مليار دولار، وتتركز أكبر الحصة منها في النفط الخام والمنتجات البتروكيماوية.
* هل لديكم توقعات أو خطط محدَّدة لتعزيز تنمية التجارة البينية بين البلدين خلال العام الجاري تحديدًا؟ وما التوقعات لحجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام؟
- ظل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين يتطوّر بسرعة، ويحافظ حجم التبادل التجاري على نموِّ سريع ومستقر. في السنة التي أقيمت فيها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، كان حجم التبادل التجاري 290 مليون دولار فقط، وفي عام 2010م بلغ 43.2 مليار دولار، أما في السنة الماضية، قد بلغ هذا الإحصاء 72.2 مليار دولار. من الصعب أن نقدر الإحصاء للسنة الحالية الآن، إني أثق أنّه بفضل جهودنا المشتركة، ستحافظ التجارة الصينية السعوديَّة على زخم التطوّر المستمر بكلِّ تأكيد.
* اتجهت المملكة في الآونة الأخيرة إلى دفع عجلة الصناعة وفتح مجالات جديدة كصناعة السيَّارات على سبيل المثال؟ كيف ترون خطوات المملكة على هذا الصعيد؟ وما أبرز المجالات التي تنصحون المملكة بالتركيز عليها باعتباركم بلدًا صاحب تجربة مميزة؟
- تبذل السعوديَّة جهودًا كبيرة في دفع تطوّر الصناعات وغيره من إستراتيجية التنوع الاقتصادي والاستثمار الكبير في التَّعليم، وذلك يدل على رؤيتها الطويلة المدى. فالسعوديَّة تمتلك آفاقًا واسعة في سلسلة صناعيَّة لقطاع النفط والغاز والتصنيع والتكنولوجيا الفائقة وغيرها بفضل ظروفها الذاتية وميزة تأخر التنمية. كسبت الصين بفضل التنمية في السنوات الأخيرة التجارب الوفيرة والتقنيات المتقدِّمة في المجالات المعنية، وتستعد للتبادل والتعاون مع الأصدقاء السعوديين والمساهمة بمقدورها في تطوّر الصناعات السعوديَّة.
* من وجهة نظركم ما أبرز المعوقات التي تقف أمام توسع الشراكة الاقتصاديَّة بين المملكة والصين؟
- في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقة الاقتصاديَّة والتجاريَّة بين الصين والسعوديَّة تطوَّرًا مستقرًا ويتوسع نطاق التعاون باستمرار، لكن ما زالت أمامنا أعمال كثيرة لنبذل جهودًا فيها. على سبيل المثال، توجد في الصين عدد كبير من المعدات ذات التقنية العالية ومنتجات التكنولوجيا الفائقة والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية التي تروّج في أمريكا وأوروبا، لكنها من الصعب أن تحصل على المصادقة المحليَّة والإقبال من السوق السعوديَّة. وإضافة إلى ذلك، تحتاج التجارة الثنائية إلى مزيد من التفاعل. ونرحب بالجانب السعودي للمشاركة بنشاط في منتدى الاقتصاد والتجارة الصيني العربي والمعرض الصيني العربي والمعرض الدولي للاستثمار والتجارة في مدينة شيامن وغيرها من الفعاليات الاقتصاديَّة والتجاريَّة. ويجب على الجهات الحكوميَّة أن توفر مزيدًا من التسهيلات في السياسات والإجراءات مثل منح التأشيرة لتعزيز التواصل الاقتصادي والتجاري. إن تعزيز التفاعل والمعرفة المتبادلة بين الجانبين سيسهم في التطوّر الصحي للتعاون الاقتصادي التجاري والتطوّر الشامل للعلاقات الثنائية بين الصين والسعوديَّة.
ومن بعد أوسع، إذا تَمَّ إقامة منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة، فإنّه سيرفع بقوة علاقات الشراكة الاقتصاديَّة بين الصين ودول المجلس بما فيها السعوديَّة. ويجب علينا جميعًا أن ندعم استئناف المفاوضة حول منطقة التجارة الحرة وتحقيق ثمراته في أسرع وقت ممكن.
* كيف ترون جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية؟ وهل لديكم أيّ اهتمام في هذا الجانب عن طريق شركات أو رجال أعمال من الصين؟
- تقع السعوديَّة في نقطة التلاقي بين آسيا وأوروبا وإفريقيا، تدفع إستراتيجية التنوع الاقتصادي واستثمار في البنية التحتية وتمتلك ميزات من حيث تكلفة الطاقة والأراضي. وكما يقول المثل الصيني: إن بناء العش الممتاز لجذب الطيور النادرة.. تزايدت جاذبية المملكة للاستثمارات الأجنبية باستمرار. وفي الأسبوع الماضي، زرت المدينة الصناعيَّة الثانية للرياض حيث تركت البنية التحتية المكتملة في الطرق والمياه والكهرباء والتخضير والحالة العملية الممتازة عن الشركات في المدينة كوّن لدي انطباعًا عميقًا. كما تولي الشركات الصينية ورجال الأعمال الصينيين اهتمامًا بالسوق السعوديَّة، ففي عام 2013 فقط، وصل الاستثمار الصيني في المملكة 860 مليون دولار أمريكي بنسبة زيادة 206.3 في المئة، على خلفية بلوغ الاستثمار الصيني تجاه العالم 500 مليار دولار في الخمس سنوات المقبلة بالرغم من أن استثمار الجانب الصيني في السعوديَّة تركز في مجال البتروكيماويات، وإنني على ثقة بأن مجالات التعاون ستتوسع مع تنمية المملكة وتعمق المعرفة الصينية لها. وفي مجالات سلسلة صناعيَّة لقطاع النفط والغاز والبنية الأساسيَّة والسكك الحديدية وغيرها، ثمة سقف التعاون الواسع. سيشجع الجانب الصيني شركات صينية ذات قدرة عالية وسمعة جيدة على الاستثمار والمشاركة في بناء المملكة.
* تتجه الصناديق الحكوميَّة والشركات الخاصَّة ورجال الأعمال من السعوديَّة إلى البحث عن فرص الاستثمار في الدول ذات الجاذبية الاستثمارية، هل يوجد استثمارات سعودية من هذه الجهات في الصين حاليا؟ وفي أيّ المجالات تتركز؟ وما توقعاتكم لحجم نمو الاستثمارات السعوديَّة في الصين خلال الفترة المقبلة؟
- في عام 2013، بلغ الاستثمار السعودي في الصين 58.51 مليون دولار أمريكي بنسبة الزيادة 17.33 في المئة، تركزت في مجال البتروكيماويات. وصراحة هذا الحجم الاستثماري لا يتفق مع القدرة السعوديَّة والفرص المطروحة في الصين. فهنا أودُّ أن اقترح على المستثمرين السعوديين التمسُّك بثلاثة اتجاهات في المستقبل:
أولاً- أن الصين بالاعتماد على الإبداع العلمي والتكنولوجي، تشق طريق التنمية للنوع الجديد من التصنيع، والمعلوماتية، والتحضر، والتحديث الزراعي. كما تعمق الانفتاح على الخارج من حيث استرخاء دخول الاستثمارات والإسراع ببناء مناطق التجارة الحرة وتعزيز الروابط على مستوى البنية التحتية مع الدول والأقاليم المجاورة. وعليه فيجب ألا يتم اختيار مجالات الاستثمار من دون النظر إلى السياسات الصينية العامَّة.
ثانيًّا- انطلاقًا من الخصائص السعوديَّة ومتطلباتها، يمكن زيادة الاستثمار في مجال البحث العلمي ودفع تحويل التجارب والتقنيات الصينية المعنية وترقيتها حتَّى تروّج استخدامها في خدمة المملكة. على سبيل المثال، أن الطاقات المتجدّدة تعد مجال التعاون الواعد.
ثالثًّا- أن المناطق الوسطية والغربية تتيح إمكانات وآمالاً لتنمية الصين. يعقد كل سنة حاليًّا المعرض الصيني العربي في منطقة نينغشيا هوي ذاتية الحكم، ومعرض غرب الصين الدولي في مقاطعة سيتشوان، ومعرض آسيا وأوروبا في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم. مقارنة بالمناطق الشرقية الساحلية المشبعة اقتصاديًّا إلى حد ما، ما زالت المناطق الوسطية والغربية تتمتع بإمكانات وفرص أكثر.
* كيف ترون جاذبية الصين سياحيًّا؟ وكيف ترون حجم السياحة السعوديَّة للصين وأبرز جوانب الجذب لديكم؟ وما أبرز الجهود الحكوميَّة في هذا المجال؟ ما توقعاتكم أو المستوى المستهدف لديكم فيما يتعلّق بحجم الزوار السعوديين هذا العام؟ وحجم الإنفاق المتوقع؟
- إن ميزات السياحة الصينية أولها «الوسع»، أيّ تبلغ مساحة الصين 9.6 مليون كيلومتر مربع، والثانية هي»القديم» أيّ يمتد تاريخ الحضارة الصينية خمسة آلاف سنة.، يمكنكم أن تجدوا في الصين مناظر طبيعيَّة ومعالم تاريخية لا تحصى مثل الشواطئ الرائعة والسهول الثلجية والحدائق الكلاسكية والجبال والأنهار العظيمة، وهذه إلى جانب العادات الشعبية الملونة، والنباتات والحيوانات المتنوعة، ومجموعة من الدراما والموسيقى والرقص، والمأكولات المشهورة عالميًّا. كما توجد هنا المدن الحديثة مثل شانغهاي وشنتشن، والمدن ذات التواريخ الطويلة مثل بجين وشيان ونانجينغ. والجدير بالذكر أنّه تَمَّ إدراج 45 من التراث الثقافي والطّبيعي للصين في قائمة «التراث العالمي» المعتمدة من اليونسكو حتَّى عام 2013م. باختصار، يستطيع كل السياح ذوي الأذواق المختلفة أن يجدوا نقطة الاهتمام في الصين. تختلف الموارد السياحيَّة الصينية عمَّا في العالم العربي، فلا شكَّ أن الأصدقاء السعوديين يجدون أن الصين تستحق للزيارة. أما بالنسبة إلى الخدمات السياحيَّة، فإنَّ المواصلات في الصين أصبحت أكثر سهولة وسريعة.
مثلاً، المسافة من بحين إلى شانغهاي أكثر من 1200 كيلومتر، وتستغرق هذه الرحلة أقل من 5 ساعات بسكك حديدية عالية السرعة. وتشكّل منطقة دلتا نهر اليانغتسى «الدائرة الاقتصاديَّة لساعة واحدة» حيث تقع أكثر من عشر مدن سياحيَّة بارزة مثل شانغهاي، نانجينغ، سوتشو، وشي، هانغتشو في نطاق ساعة واحدة بسكك حديدية فائقة السرعة. كما توجد الفنادق الفاخرة والوكالات السياحيَّة الكثيرة التي تقدم خدمات ممتازة للسياح الأجانب إلى الصين. في عام 2013، بلغ عدد الزوار الأجانب الذين استضافتهم الصين 130 مليون نسمة. أما الزوار السعوديون، يصل عددهم 37 ألفًا ومعظمهم مارسوا الأنشطة التجاريَّة. لذا، أعتقد أنّه لدى جانبينا إمكانات كبيرة في التعاون السياحي. إنني على ثقة بأن السياح السعوديين يستطيعون التمتع بسعادة وراحة تحملها المناظر الجميلة وشراء المنتجات الجيدة والرخيصة في الصين. مرحبًا بكم لزيارة الصين.