يرتاد البعض بيوت الله دون أن يستشعر عظمة المكان ويستشعر أن الصلاة صلة بين العبد وربه وأنه قاصد في توجهه لأداء الصلاة لرب العباد، وقد يأتي بعضهم للمساجد بملابس لا تليق ببيوت الله لا من حيث النظافة أو الوقار ولا من حيث وجود المخالفات الشرعية ولا يمكن أن يقصد بملابسه تلك مجلساً له أهميته الدنيوية في حين تساهل بارتداء هذه الملابس في بيت الله واستمرأ على هذه الحالة وبصفة دائمة.
ومن لايستشعر عظمة المكان ولا عظمة لقاء الله سبحانه وتعالى فسوف يبقى هاتفه الجوال مفتوحاً ليزعج المصلين بنغماته المتواصلة والملهية واللافتة للأسماع مما قد يفوت على الناس خشوعهم وطمأنينتهم في الصلاة، وينسحب ذلك على من يكثر الحركة في الصلاة منذ أن يكبر وحتى التسليم فيفوت على نفسه تمام الأجر وربما أفضى ذلك إلى فساد صلاته لكثرة حركته وإزعاج من حوله بالحركات التي يقوم بها ذات اليمين وذات الشمال، ومن يأتي بروائح كريهة من المأكول والمشروب العالق في أنفاسه وجسمه لم يستشعر الوقار لله عز وجل ولم يلتزم بما أمر به «من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مسجدنا»، وهو أشبه بالمخالف للسنة فيمن يأتي برديء الملابس للمسجد متناسياً الأمر الإلهي حين قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
في بعض البلدان الأجنبية يمنع الزبائن من دخول الفنادق والمطاعم لمن لا يرتدي زياً مناسباً وكذلك الحال في بعض خطوط الطيران التي تمنع من لا يرتدي زياً مناسباً من ركوب الطائرات .. وبيوت الله عز وجل أولى وأجل بالاحترام والتقيد بالأوامر والآداب التي تحث على النظافة في البدن والملبس والهيئة، ولقد رأينا من التمادي في الاستهانة بمكانة المسجد، أن البعض صغاراً وكباراً يأتون للمساجد بملابس عليها من الصلبان وشعارات وألفاظ لا يليق بمسلم ارتداؤها بوجه عام فكيف ببيوت الله عز وجل!.
لقد قام الأئمة والخطباء بدورهم في التوجيه والتنبيه تارة بالخطب وتارة بالمواعظ بعد الصلوات ولكن للأسف ما زال البعض لا يستشعر ذلك حتى في صلاة الجمعة، ولم يعد للأسف الأمر قاصراً على الشباب وصغار السن بل حتى كبار السن انتقلت لهم العدوى فتراهم يأتون للمساجد بملابس غير لائقة لا تناسب المكان الذي قصدوه ولا لمن قصدوا إليه.. وللقارئ الكريم أن يتخيل رجلاً تجاوز الستين عاماً يأتي لصلاة الجمعة بملابس «البرمودا» وآخر بـ«ملابس النوم» وملابس «الاستراحات» وإذا كان هذا حال كبار السن فمن سيقوِّم الشباب والأطفال وهذا قدوتهم في البيت الذي لم يرتد أفضل الثياب من عباءة أو ثوب أو غترة ليأتي للمسجد وقد ارتدى ملابس بالكاد تستر حدود ركبتيه وعليه قميص مزركش بألوان وأشكال وألفاظ وشعارات لا ترتدى حتى في مطاعم الوجبات السريعة، لقد لفتت انتباهي لوحة كتبها أحد الأئمة جزاه الله خيراً في جامع بشمال مدينة الرياض وكتب عليها جزءاً من الآية الكريمة: {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}، ثم ذكر بعض الآداب التي ينبغي لرواد المساجد الالتزام بها في الملابس والهيئة واستخدام الجوال وغير ذلك.
وأتمنى أن يقوم الأئمة بمثل هذه الفكرة في مداخل المساجد لاستمرار التذكير فالمواعظ والكلمات لا يمكن أن تفي ومن الناس من يحتاج إلى التذكير الدائم وهذه خير وسيلة.