بدأ الناخبون الليبيون أمس الأربعاء الإدلاء بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد في انتخابات يأمل المسؤولون بأن تساهم في انحسار الفوضى التي تجتاح البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي قبل ثلاثة أعوام. وانتخابات أمس الأربعاء هي خطوة أخرى في انتقال ليبيا إلي الديمقراطية بعد عقود من حكم الفرد، لكنها تُجرى بينما ينزلق البلد العضو في منظمة أوبك بشكل أعمق في الاضطرابات بعد أن أطلق لواء منشق متقاعد بالجيش حملة ضد المسلحين في شرق البلاد.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن تكون مشاركة الناخبين أقل من انتخابات عام 2012 بعد أن شددت اللجنة الانتخابية قواعد التسجيل في قوائم الناخبين. وبلغ عدد الناخبين المسجلين في الانتخابات الحالية نحو 1.5 مليون ناخب وهو تقريباً نصف عدد الناخبين في انتخابات يوليو - تموز 2012 التي كانت أول انتخابات حرة تشهدها البلاد في أكثر من 40 عاماً والذي بلغ 2.8 مليون ناخب، حيث كان الإقبال ضعيفاً عند فتح المكاتب في طرابلس وحركة السير خفيفة في هذا اليوم الانتخابي الذي أعلنته السلطات يوم عطلة رسمية، فيما تم نشر جهاز أمن ضخم في مراكز الاقتراع. وتحتاج ليبيا بشدة إلى حكومة فاعلة وبرلمان عامل.. وهي تحاول بسط سيطرتها على جماعات مدججة بالسلاح وقبائل ساهمت في الإطاحة بالقذافي، لكنها تتحدى الآن سلطة الدولة وتقيم لنفسها إقطاعيات خاصة بها. وتعاني ليبيا أيضاً من أزمة ميزانية.. فقد تسببت موجة من الاحتجاجات قامت بها ميليشيات مسلحة في حقول النفط وموانىء الشحن في خفض إنتاجها من النفط بدرجة كبيرة، وهو شريان الحياة بالنسبة للدولة العضو في أوبك. ويأمل شركاء ليبيا في الغرب أن تساعد الانتخابات على إعادة بناء دولة قادرة على البقاء.. وهناك حاجة لإنهاء الخلافات بين المناطق الغربية التي ميّزها القذافي والمناطق الشرقية المهملة، حيث يُطالب كثيرون بحكم ذاتي ونصيب أكبر من الثروة الوطنية النفطية. وتخشى قوى غربية أيضاً من تفاقم الصراع بين الميليشيات والقبائل.. أما جيش ليبيا الذي تشكّل حديثاً فلا يزال في مرحلة تدريب ولا يضاهي المقاتلين الذين تمرسوا خلال الانتفاضة ضد القذافي التي استمرت ثمانية أشهر.
وفي دولة بها عدد من مراكز القوى ينافس الإخوان المسلمون الذين توجد معاقلهم في المدن الساحلية الغربية المناطق القبلية في الغرب والشرق للسيطرة على ليبيا.. ويخشى كثيرٌ من الليبيين أن الانتخابات ستنتج جمعية نيابية أخرى مؤقتة.. ولم تنته لجنة خاصة لصياغة دستور جديد للبلاد من عملها، وهو ما يترك أسئلة بشأن نوع النظام السياسي الذي ستتبناه ليبيا في نهاية المطاف. وشددت السلطات الانتخابية قواعد التسجيل بأن ألزمت الناخبين بإظهار بطاقة رقم قومي للتعريف.. وكثيرون من الليبيين ليس لديهم مثل هذه الوثائق، نظراً لأن المخاوف الأمنية والفوضى السياسية تعرقل الخدمات الأساسية للدولة..
وحرصاً على تجنب المزيد من المشاحنات السياسية بين الأحزاب التي أدت إلى أزمة بسبب رئيسي وزراء متنافسين في مايو - أيار كان على المرشحين خوض الانتخابات كمستقلين لا كممثلين للأحزاب. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة الثامنة صباحاً، وكان عدد الناخبين المصطفين أمامها قليلاً.. وتأمين مراكز الاقتراع في بنغازي وأجزاء أخرى في شرق البلاد.