عندما تقرأ ما كتبه الوزير الراحل غازي القصيبي - رحمه الله- عن وزارة الصحة، خصوصاً قصة تسلّمه مهامها تتيقن بأن هناك أمراً خفياً يعطّل عمل هذه الوزارة المهمة.. تولى مهامها رجال أكفاء ومميزون، ولكن سوء الحظ يلازم كل عهد وزاري منذ تأسست في عهد الملك الراحل سعود - رحمه الله-.
قدمت يوم السبت الماضي في برنامج «زيارة صحافية» على قناة العربية صورة صحافية مختصرة لما يدور في عقل الوزير
وما يجري على الأرض في المستشفيات، فيما يتعلّق بالتحديد في فايروس كورونا، نعم، ليس من السهل الوصول إلى الوزير فقيه، وإذا وصلت ربما هناك أشخاص يحاولون عكس صورة غير جيدة عنه من العاملين معه في العلاقات العامة والمتعاقدين من خارج الوزارة، ولكن إذا جلست معه شخصياً ستكتشف شيئاً آخر، ستجد رجلاً يعمل بجد ولا يضيع دقيقة واحدة دون أن يستفيد منها، ويدعم الشفافية ويحاول قدر المستطاع جعلها منهج عمل، رغم أن هناك من لا يفهمونه جيداً ولا يترجمون توجيهاته بشكل جيد، وهذا ليس بغريب؛ فالمهمة جديدة ولا يعرفون الرجل جيداً وهو أيضاً ربما لا يعرفهم بشكل جيد، كورونا التحدي الأهم في أجندة عادل فقيه، وهو يعرف بأن كورونا هو الاختبار الأول والأهم، وربما يخسر كل سمعته الإدارية لو أخفق لا سمح الله، لفتت نظري شاشة كبيرة أمام مكتبه، يظهر عليها عداد وأيضاً قائمة مهام، سألته عن هذه الشاشة وقال هذه تظهر عداداً تنازلياً للمائة يوم الأولى، وما يجب إنجازه، مبهج أن ترى القطاع الحكومي يتغيّر ويتفاعل ويتطور، ولن يطوره بالتأكيد إلا الوزراء المتطورون بمهاراتهم وأفكارهم ونزاهتهم.
سألت الوزير عن كورنا وما يقولونه بأن الإصابة انخفضت إلى ما يزيد عن 80% وكان يريد القول بأن هناك جهداً بشرياً خفف الإصابة بهذه النسبة الكبيرة، والحقيقة هي أن لفصل الصيف دوراً مهماً في خفض أعداد الإصابة، وهذا لا يعني أن الجهد البشري قليل أو غير مؤثّر على العكس تماماً، هناك طبيب رائع قابلته وهو عماد الجحدلي، أحد المبدعين في مجال الطب الوقائي وكان من القيادات الطبية في شركة أرامكو واستعان به الوزير فقيه ليتولى إدارة مستشفى الملك فهد بجدة، والذي ارتبط بكورونا ويتشاءم كثيرٌ من الناس من ذكر اسمه أو زيارته.. عمل الجحدلي على أسلوب مبتكر وحاول تطوير آليات مكافحة العدوى، ويريد هذا الطبيب الطموح أن يجعل مستشفى الملك فهد أنموذجاً في الانضباطية والإنتاجية والتميز، بشكل قد يثير غيرة المستشفيات الاستثمارية والمستشفيات الراقية مثل التخصصي.
بين الركام قد تجد وردة نضرة، وبين أكوام الإحباط، ستجد حتماً همة متوثبة تحتاج إلى من يدفعها إلى الأمام.. جاء الوزير فقيه ومعه إرادة الملك وطموح الشعب، هل سيحقق ما عجز عنه كثيرون، ليس لسوء إدارتهم أو قلة اجتهادهم، ولكن لأسباب أعمق وأبعد بكثير.
وزارة الصحة تحتاج إلى عناية مركَّزة وجهد مضاعف، والشق الذي يكبر كل يوم لن تجدي معه الرقعة.. عليك يا معالي الوزير استبدال الثوب بآخر جديد ويليق بنا وبك.... شكراً على الشفافية التي انتهجتها تماماً كما أمر سيدي والدنا الغالي الملك عبدالله حفظه الله.