لكل أمير منطقة في المملكة أحلام وآمال لتطوير منطقته، وجميعهم يدخلون إلى عمق المجتمع في مناطقهم، ويعرفون جيداً مواطن القصور وأيضاً الحلول اللازمة، ولكنهم ليس لديهم صلاحيات تتعلّق بالمشاريع التنموية، فالميزانية التي لدى أمراء المناطق هي فقط لإدارة شؤون الإمارة، وليس له أي علاقة بالإدارات الحكومية وميزانياتها في منطقته، ويكون وقته مشغولاً طوال اليوم بمطالب المواطنين وخلافاتهم ومشكلاتهم،
وأيضاً في التواصل مع أصحاب المعالي الوزراء لتعجيل مطالب منطقته الخدمية، وقد يضطر لركوب الطائرة وزيارة الوزير في مكتبه ليوضح له ما يجري على الأرض والاحتياجات الماسة التي ربما لا يستشعرها المسؤولون في الرياض مقارنة بمن يعايش على الأرض في الجنوب أو الشمال، لأن اللوم يقع في الغالب على الأمير، ولأنه يستشعر مسؤولية تمثيل خادم الحرمين الشريفين في المنطقة بموجب نظام المناطق وبصفته الحاكم الإداري.
«الحكم المحلي» شهد تطوراً كبيراً، وهذا المصطلح الذي يحمل معاني ومدلولات كثيرة، جعلته وزارة الداخلية فاعلاً ومتفاعلاً مع الواقع وليس فقط بالأوصاف والمصطلحات الراقدة في نصوص الأنظمة ذات الصلة، ولكن هذا التفعيل في الجوانب الأمنية وفي جوانب الحقوق العامة والخاصة مشهود وملحوظ، إلا أن الجانب التنموي ما زال بعيداً عن الاهتمام، ولا نرى سوى اجتهادات فردية هنا وهناك، مثل مبادرة الأمير مشاري بن سعود أمير الباحة باستحداث مكتب للاستثمار في إمارة المنطقة لتشجيع رجال الأعمال للاستثمار وإزالة العقبات أمامهم.
وأيضاً استحداث منصب وكيل الإمارة للشؤون التنموية في الهيكل التنظيمي لإمارات المناطق، كانت خطوة جيدة ولكن يجب أن يتبعها خطوات، ويجب أن تستحدث الوزارات الخدمية إدارة لشؤون المناطق، تتصل بالوزير مباشرة، ويعتمد عملها على الزيارات المستمرة للمناطق، ووضع آليات تنفيذ متوازنة مع مراعاة الأولويات والاختلافات بين كل منطقة من المناطق.
التنمية ليست مجرد شعارات تطلق على المنابر وعلى صفحات الصحف، التنمية هي استثمار بالإنسان في صحته وتعليمه وتحسين الحياة من أجله، وتسهيلها، لترتفع إنتاجيته، وهي عجلة تدور ويزيد سرعتها تكاتف الجميع وتطور مقدرات أفراد المجتمع مادياً ومعنوياً.
تعيش كل المناطق بلا استثناء تحديات كبيرة، في سبيل توفير حاجات المواطنين، وخصوصاً في ظل أزمة الإسكان، وتوفير البنية التحتية الجيدة لمواجهة تزايد السكان، وهجرة أعداد ليست قليلة من المواطنين الى المدن الرئيسية بحثاً عن الرزق، وكذلك لوجود خدمات أفضل نسبياً تتعلق بجودة الحياة.
على أمراء المناطق تفعيل دور مجالس المناطق، والعمل على جذب رؤوس الأموال، وعلى الحكومة الموقرة أن تحرّر أمراء المناطق ليبدعوا ويتنافسوا ويقدّموا الأفضل للمواطن، ففي بلادنا فرص كثيرة وبإمكاننا أن نخلق مناخاً للاستثمار يعود بمنافع كبيرة للبلد تساهم أيضاً في تنويع مصادر الدخل الذي نحن في حاجة ماسة إليه.