حين يبادر شخص بالمخاطرة بحياته من أجل جاره، فهذا يعني أنه يؤْثر حياة الجار على حياته. مثل هذا الإيثار لم يعد موجوداً. ربما هو موجود بين الأب والابن، البنت والأم، الأخ والأخت، لكن بين الجار والجار، فلم نسمعه منذ زمن الطيبين! فهذه العلاقة تهشّمت في العقود الأخيرة بسبب تطور وسائل الاتصال، الأمر الذي جعل الجميع ينعزلون في غرفهم الصغيرة، ويحولون أجهزتهم الهاتفية إلى مراكز عمليات، ينقلون من خلالها مشاعرهم وعواطفهم وقصصهم وخواطرهم وصورهم ومقاطع حياتهم المتلفزة. وكم من جار لا يعرف اسم جاره أو حتى شكل جاره، وإذا تحقق التعارف، فإن العلاقة لن تتعدى المستوى السطحي، إلاَّ من رحم ربي.
هذه القصة مما رحم ربي، فلقد نقل لنا زميلنا الرياضي الدكتور علي القحيص خبر تسجيل الشاب أحمد عبداللطيف الوجعان، أروع وأصدق معاني الإخلاص والتضحية لصديقه وجاره الدكتور فهد سعود العلي، حيث تعرض الأخير إلى مرض ألزمه السرير الأبيض بعد إصابته بتليف كامل في الكبد، وكان على وشك الموت، لولا لطف الله ومن ثم موقف جاره أحمد، الذي زار صديقه في المستشفى ليطمئن على صحته، فقال له: لا مفر من الموت إلاّ بزراعة كبد. تأثر أحمد وقال: الكبد هنا معي أتيت بها لك، وأبلغ الأطباء بأنه يتبرع بكبده لجاره الدكتور فهد. وبعد الفحوصات تبين بأن أنسجتهما متطابقة، وقد وافق على تبرعه بـ 65 % من كبده.