من أغرب ما نسمع، أنّ هناك فئة من المستثمرين يطلبون من بعض المصانع الصينية أن تزوّدهم بأرخص أنواع الملابس، لكي يبيعوها في أسواق المملكة، بهوامش ربح مبالغ فيها، دون التحقق من سلامة الأقمشة المستخدمة في صناعة هذه الملابس.
ووالله، لو قال لي أحد، إنّ جهة لا يهمهما أمر المواطنين وراء استيراد هذا النوع من الملابس، لصدقته. لأنّ من المستحيل أن يستورد تاجر ملابس نساء وأطفال مصنّعة بأقمشة غير موثوقة، وهو يعرف أنّ قريبته أو جارته أو أطفال صديقه، سيلبسون هذه الملابس! أين الحد الأدنى من الأخلاق عند هؤلاء التجار؟! هل ممكن أن تُعمي الأموالُ أعينَ وقلوب وضمائر الناس؟! لماذا تلوَّثَ الناسُ إلى هذه الدرجة: الموظف يذبح زميله من الوريد إلى الوريد ليحظى بمركزه.
المزارع يسقي شجره بالمواد الكيميائية لكي تبدو ثماره التي سيبيعها للناس طازجة.
الطبيب المؤتمن على حياة المريض، يتركه لتتدهور حالته في سبيل إرضاء مريض آخر أثرى منه. المعلم يخون أمانته، من أجل رسوم درس خصوصي. القاضي يغتصب حق صاحب حق، ليحصل على عمولة.
قضية الملابس، ليست قضية جشع تجار فقط. إنها مؤشر على ثقافة جديدة بدأت تغزونا. ثقافة الخلاص الفردي. كل شخص يريد لنفسه الخلاص، غير عابئ بالآخرين وبما سيجري لهم من أضرار، حتى ولو كانوا أقرب الناس إليه.