ما لقيت وظيفة!!

أصبح من غير المستغرب أن تشاهد على واجهة أغلب المحلات التجارية وأسواق التجزئة الكبيرة والمطاعم في مدننا وخاصة الكبرى منها لوحة براقة تطلب فيه إداراتها استقطاب شباب سعودي للعمل بجميع الوظائف لديها دون شروط سوى أنه مواطن فقط، وتعِد بإغراءات عديدة كراتب مجز وبدل سكن ومواصلات وتأمين صحي، وتصل الرواتب لأكثر من خمسة آلاف ريال، وهذا الإنجاز الكبير يجير لوزارة العمل التي ضيقت الخناق على أطماع بعض رجال الأعمال من خلال برنامج نطاقات الذي يشترط وجود سعوديين للعمل لديها ليسمح للمنشأة باستقدام وافدين بنسب مختلفة، وهو ما فتح المجال واسعا أمام الشباب السعودي الذي ما فتئ يدندن بموال البطالة المزعومة.

ورغم كل هذه الإغراءات وعوامل الجذب المختلفة؛ لا زالت هناك فئة تردد (ما لقيت وظيفة)! لاسيما من لديه شهادة جامعية، فهو يمنّي نفسه بوظيفة حكومية ولو براتب ضئيل وحوافز بائسة! ومن هؤلاء ذلك المواطن الشاب الذي انتشرت صورته في قنوات التواصل الاجتماعي والصحف الإلكترونية وهو يغسّل سيارات الناس في منازلهم، حيث يطرق الباب عارضا عليهم غسل السيارة بمبلغ زهيد، وقد تفاعلوا معه كونه (مواطنا مسكينا) لابد من مساعدته ومضاعفة المبلغ المستحق!

ولاشك أن هذا التصرف يسيء لوضع المملكة ويوقعها بالحرج، فهذه المهنة برغم شرفها إلا أنه لم يحن الوقت للعمل بها، في ظل وجود ثمانية ملايين وافد يعملون بوظائف أكثر منها راحة وأكثر دخلا كالبيع في المحلات المكيفة وخدمات العملاء وغيرها، مما لا تشترط أدنى مهارة، ناهيك عن تواضع الشهادة والاكتفاء بالقراءة والكتابة فقط.

إن إعادة الأسطوانة المشروخة لما يسمى بالبطالة عند كل سانحة، باتت ممجوجة وغير مستساغة البتة، ومن المبكر الحديث حول هذا الأمر في بلد يشهد بناء وتنمية، ويعيش أغلب مواطنيه في بحبوحة من العيش ويفتح ذراعيه للوافدين ولابد من إنهاء الضغط على المسؤولين بضرورة إيجاد وظائف حكومية كشرط للعمل وما يترتب عليها من انتشار ظاهرة البطالة المقنّعة! بل إنه من المناسب المطالبة بتخصيص الوظائف الحكومية وتحويلها للقطاع للخاص الذي أثبت جديته ومثابرته على العطاء بدلا من التراخي والغياب وكثرة الاستئذان! ولعل الكثير لاحظ تذمر الموظفين من إقرار نظام البصمة في الحضور والانصراف مما يشير لحالة الفوضى وعدم الالتزام في العمل الحكومي.

ألا فخسخسوا واحثوا التراب بوجه كل من يقول (ما لقيت وظيفة)!!