ألمح تقرير اقتصادي حديث إلى أنه رغم التوقعات بتسجيل قطاع المقاولات في دول مجلس التعاون الخليجي نموا خلال الأعوام المقبلة، مما يتيح فرصا استثمارية واعدة للقطاع الأهلي خاصة في المشاريع الحكومية التي رصدت ميزانيات ضخمة، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذا القطاع يتطلب معالجتها من خلال التشاور بين القطاعين العام والخاص.
وأكد التقرير، على أن مسألة التمويل تبقى من أهم التحديات الحقيقية التي تواجه شركات الإنشاءات والمقاولات في دول المجلس وذلك لضعف التدفقات النقدية، لافتا إلى أن لمواجهة ذلك المطلوب اندماج الشركات العاملة في المقاولات والتشييد لخلق كيانات أكبر قادرة على المنافسة خصوصا مع احتدام المنافسة مع الائتلافات العالمية، كما أن شركات المقاولات مطالبة بالإسراع في مواءمة استراتيجياتها العامة ونماذجها التشغيلية مع متطلبات البيئة الجديدة التي تتسم بإدخال وسائل التكنولوجية المتقدمة وبالوقت نفسه الصديقة للبيئة، إضافة إلى وجود برامج حكومية لتحفيز شركات المقاولات الخليجية عبر توجيه البنوك الوطنية بالدول الأعضاء على تشجيع طرح الأدوات المالية، وتبني برامج وطنية تسهم في تشجيع العمالة الوطنية للدخول في هذا القطاع الحيوي، خاصة أنه يوفر عشرات الآلاف من الوظائف التي يمكن أن تستوعب العمالة الوطنية من مهندسين من مختلف التخصصات وفنيين ومشرفين وعمال مهرة وغيرها من الوظائف.
واستند التقرير الذي أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، في توقعاته الإيجابية لسوق الإنشاءات في دول مجلس التعاون إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء بنسب تراوح بين 5 و6 %، إذ سيصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج إلى 3.6 تريليونات دولار بحلول 2016 في مقابل 2.4 تريليون خلال عام 2012، إضافة إلى النمو السكاني السريع لدول المنطقة، وتطور البنية التحتية والحاجة الملحة لزيادة المساكن وتطوير الخدمات، مرجحا أن يصل حجم المشاريع الإنشائية في المنطقة خلال السنوات الخمس المقبلة إلى نحو 800 مليار دولار، تتنوع في مشاريع البنى التحتية والخدمات، مما يساهم في نمو القطاعات المساندة لها مثل قطاع التجهيزات والمعدات.
وأكد التقرير أن القطاع الحكومي الخليجي سيظل المحرك الأول للمقاولات والإنشاءات الجديدة في دول الخليج لاستئثاره بما يزيد على 50 % من المشاريع، خصوصاً مشاريع البنية التحتية والمرافق الخدمية الحكومية، موضحا أن دول المجلس تخصص ميزانيات ضخمة للاستثمار في مختلف قطاعات البنية التحتية، لتلبية الطلب المتزايد للتركيبة السكانية لذا فإن هناك عدة شركات عالمية وخليجية تتنافس على هذه المشاريع مما يحسن التنافسية في بيئة الأعمال، وتشمل قائمة المشاريع التي تنفذ الطرق، الموانئ، السكك الحديدية، والمطارات، مما يحقق نموا في قطاع الإنشاءات والمقاولات يصل إلى 35 % حتى عام 2015، بدعم من الإنفاق الحكومي المتوقع لاستكمال المشاريع التنموية، إلى جانب دخول الاستثمارات الأجنبية في البلاد، مما ينعكس بشكل إيجابي على دخل قطاع الإنشاءات والمقاولات، في حال تمكن القطاع من تجاوز التحديات المقبلة والمتعلقة بارتفاع أجور الأيدي العاملة.
وأشار التقرير إلى تحديات حقيقية تواجه سوق المقاولات الخليجي في مقدمتها المنافسة الشرسة من كبرى شركات المقاولات الأجنبية، الأمر الذي يتطلب منح قطاع المقاولين الخليجيين الأولوية لتنفيذ المشاريع أو الدخول في شراكات في المشاريع التي تحتاج إلى الخبرة والتقنية الدولية، وإشراكه مع الشركات العالمية للمشاريع ذات القيمة المضافة كالسكك الحديدية وغيرها التي تحتاج إلى الخبرة والتقنية والتكنولوجيا العالمية غير المتوافرة خليجياً، إلا أن جذب الاستثمارات الأجنبية يمثل تحديا آخر، بسبب عدم توافر المعلومات، ضعف إنفاذ العقود، وعدم توافر الحماية لمصالح المستثمرين.
كما أن ضعف توفر الأيدي العاملة المحلية الماهرة يزيد من الاعتماد على العمالة الأجنبية بصورة كبيرة وحادة مما يستنزف جزءا كبيرا من القيمة المضافة لهذا القطاع ويحولها للخارج.
ولفت التقرير أيضا إلى أهمية تأسيس اتحاد خليجي للمقاولين يعمل على تطوير هذا القطاع، مواجهة التحديات، متابعة المصالح المشتركة لمنشآت المقاولات في دول مجلس التعاون، دراسة ومراجعة الأنظمة والقرارات ذات العلاقة بالقطاع، والصادرة عن مختلف الدول الأعضاء ورصد آثار تطبيقها على منشآت القطاع.