أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمّام سلام «أن لبنان يدين بالكثير لإخوانه العرب وخصوصاً قيادات وأبناء دول مجلس التعاون الخليجيّ الذين ما خَذَلوه يوماً، وما انكفأوا عنه في الزمن الصعب.. وكانوا أبداً حُضناً دافئاً لأبنائه، وداعماً لسلمه واستقراره ونهضته». كلام الرئيس سلام جاء خلال افتتاحه أمس في فندق فينيسيا في بيروت «منتدى الاقتصاد العربي» بدورته الـ 22، بحضور حوالى 600 مشارك من المسؤولين والمستثمرين ورجال الأعمال اللبنانيين والعرب والأجانب من 14 بلداً، بمشاركة لافتة من المملكة العربية السعودية والكويت. وقال سلام: أود التوقف عند ما يراود اللبنانيين من مخاوف، بسبب ما يشهده العراق وسوريا هذه الأيام من أحداث مؤلمة، وما يطرحونه من أسئلة حول احتمالات امتداد الحريق إلى الثوب اللبنانيّ.
إننا، في حكومة «المصلحة الوطنية»، لن نسمح بالتلاعب بأمن لبنان واستقراره. وسوف نعملُ، بكلّ ما أوتينا من قوة وإرادة، على تحصين بلدنا من آثار النيران المشتعلة في جوارنا القريب والبعيد، معتمدين على جيشنا وقواتنا الأمنية، وعلى وَعي الغالبية الساحقة من اللبنانيين وأيمانها بلبنان الواحد المُوَحَّد الآمن المُستقر».
وشرح أن حكومته تسلمت مهامها منذ فترة لا تزيدُ عن أربعة أشهر، في ظروف سياسيّة وأمنيّة دقيقة. و»قد تَمَكَنّا، بعون الله وبتضافر جهود كلّ القوى السياسية، من تحقيق إنجازات ملموسة، أَزالت الكثيرَ من المخاوف، وأشاعت جواً من الاطمئنان الذي بَدأنا نلمُسُ نتائجَه من خلال مؤشّرات اقتصادية واعدة».
لقد كان الأمنُ ملفاً نازفاً، تسبَّب بالكثير من الخسائر البشرية والخراب الاقتصاديّ في مناطقَ لبنانية عزيزة، وأثار شكوكاً حول الاستقرار في لبنان ومناخاً غير مشجّع على الاستثمار والسياحة فيه. لكنّ القوى الشرعيةَ اللبنانية، من جيش وقوى أمنية، تَمَكّنَت بتوجيهات من الحكومة ومن فخامة رئيس الجمهورية حينذاك العماد ميشال سليمان، من إعادة الأمن والأمان إلى مدينة طرابلس، التي كانت بؤرةَ توتر دائم، وإلى مناطق البقاع الشماليّ المحاذية للحدود مع سوريا، التي كانت مسرحاً لممارسات مخالفة للقانون. وها هي بيروت تستعدُّ لمرحلة جديدة من الخطّة الأمنية لضبط المخالفات وتثبيت الاستقرار. وشَرَعَت الحكومةُ، بموازاة ذلك، في معالجة حالات الشغور المُزمن في الكثير من المواقع الرئيسة في المؤسسات العامة، وأجرت عشرات التعيينات التي من شأنها بثَّ الحيوية في الإدارات الحكوميّة، لتَتَمكّنَ من القيام بمَهامها في خدمة مصالح المواطنين».وتابع الرئيس سلام: «في الجانب الاجتماعي والاقتصادي، تولي الحكومةُ عنايةً كبيرةً لملفّين حيَويّين: الأول هو ملفُّ النزوح السوريّ الذي بلغت اعباؤُه حَدّاً لم يَعُد لبنانُ قادراً على تحمُّله. وتعملُ الحكومةُ اليوم، مع الاشقاء العرب ومجموعة الدعم الدولية للبنان والمؤسسات المانحة، على مقاربات متعددة لهذه المعضلة لإيجاد الحلول الناجعة لها.
أما الملفُّ الثاني فهو ملفُّ الغاز والنفط الذي يجري العملُ عليه بطريقة علميّة ودقيقة، تمهيداً لبدء مرحلة الاستكشاف الذي تدُلُّ كلُّ المؤشرات إلى أنها تبشّر بالخير، مع ما يعنيه ذلك من فُرص استثمار وعمل للقطاع الخاص المحليّ والعربيّ والأجنبيّ». وأضاف الرئيس سلام: «يعيشُ لبنان منذ أسابيع شغوراً في موقع الرئاسة الأولى، بسبب عَدَم تَمَكُّن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد للجمهورية. إنني أؤكّدُ مرةً أخرى، رغبتَنا وحرصَنا وسَعيَنا الحثيث لانتخاب رئيسٍ للجمهورية اللبنانية، لإعادة المؤسسات الدستورية إلى وضعها الطبيعيّ. وإنّي أدعو جميعَ القوى السياسيّة إلى التخلّي عن الحسابات الضيّقة، وتغليب المصلحة العليا على ما عداها، وعدم التأخُّر في إنجاز هذا الواجب الوطني».
وأكد أن الحكومة وفي انتظار انتخاب رئيس جديد للبلاد، «ستؤدّي واجباتها كاملةً بكلّ أمانة، إنطلاقاً مما نصَّ عليه الدستور، وبروحية التوافق الوطنيّ الذي هو غايتُنا الدائمة. وسنبقى حريصين على خدمة مصالح المواطنين وتسيير شؤون البلاد، وساهرينَ على حُسن عمل المؤسسات التي ليس مسموحاً تعطيلُها والحُكمُ عليها بالشلل، تحت أيّ ذريعة كانت، وفي أيّ ظَرفٍ كان».