خرج المسؤول مرهقاً من عمله، ركب سيارته وتوجه للشارع العام، وأثناء وقوفه أمام الإشارة الضوئية، شعر بأن ثمة أحداً يلوح له على الجانب الأيمن، التفتَ فوجد صاحب السيارة التي بجانبه، وهي سيارة متواضعة، ليست كسيارته الفخمة، يحاول أن يلفت انتباهه. أنزل زجاج النافذة اليمنى، فهبّ السموم الحارق إلى داخل سيارته.
- سامحني وأنا أخوك، أبغى المطار.
ولأن المسئول يسكن قريباً من المطار، فلقد صاح بالرجل البسيط، وهو يغلق الزجاج:
- الحقني.
المذياع يبث حلقة معادة من برنامج حواري يناقش مخرجات ابتعاث الشباب للخارج، وفرص العمل المعدومة لهم بعد عودتهم.
- اوووف!
يغلق المذياع، ثم يرفع من درجة التكييف.
يرن الهاتف الجوال، فيلتقطه.
- خير؟! كل يوم نفس المكالمة، ما تتعبين؟! تحسبين إني أبروح لغيرك؟! خلاص جهزّي الغداء، أنا في هالزحمة الكريهة، ما بقى لي شيء.
يصل المسئول للبيت. يفتح الكاراج آلياً، ويدخل بسيارته للداخل.
***
أعرف أنكم الآن تتساءلون:
- طيب، الضعيف المسكين اللي وراه، وش صار عليه؟!
سيكون مصيره مثل مصيركل الذين يأملون خيراً في مثل هذا النموذج من المسئولين يمشون خلفه في ظروف صعبة، وفي النهاية يصل هو لمبتغى، ويبقون هم في الشارع الملتهب بالحرارة والغبار والازدحام والتيه!