نعم .. اقرأ العنوان وفكر في هذا السؤال. هل هو عالم الفيزياء ستيفن هوكنغ، العبقري المشلول؟ أم هو كن جنينغز الذي نافس بقية المثقفين في برنامج»جيبوردي» الثقافي ودرّت له ثقافته مالاً طائلاً؟ أم هو تيرنس تاو صاحب أعلى معدل ذكاء في العالم والذي أتقن الرياضيات وهو طفلٌ يحبو؟..
الجواب: لا أحد منهم .. الذي يملك أكبر مخ: الفيل.
نعم .. فيه بعض التمويه، فالسؤال لم ينحصر في البشر، وهو يقول «أكبر مخ» وليس «أذكى عقل»، ولكن لا يختلف هذان كثيراً في حالة الفيل، فمن الحيوانات التي تسير على الأرض (وهذا يستبعد الحوت الأزرق) فإنه لا يوجد كائن يملك مخاً أضخم من مخ الفيل، فوزنه 5 كيلوغرامات ويكتظ بالكثير من الخلايا العصبية، والخلية العصبية هي التي تنقل الإشارات الكهربائية في المخ وهي الوحدات الأساسية في الجهاز العصبي، وللمقارنة فإن مخ الإنسان يحوي 20 مليار خلية عصبية، ولأن الإنسان أذكى الكائنات الحية فهو أكثر بكثير من غيره في هذه الخلايا، فقارن هذا الرقم مع الخلايا العصبية لدى الكلب مثلاً وهي 160 مليون فقط، والقط يملك ضِعف ذلك فيحتشد في عقله 300 مليون خلية عصبية، وكلما صعدنا السلم وجدنا حيواناً مألوفاً مثل قرد ريسوس والذي يحوي مخه نصف مليار خلية عصبية، وأما أعلى القائمة ففيها الدلافين طبعاً والحيتان، ولن نستغرب إذا رأينا قرد شيمبانزي يملك 6 مليار خلية عصبية، لكن ليس هذا أكبر عدد في الحيوانات، فصاحب أعلى رقم بعد الإنسان هو الفيل والذي يملك 11 مليار خلية عصبية! وليس هذا فقط، بل حتى تكوين مخ الفيل يشابه شكل الدماغ البشري، ولذكاء الفيل أمثلة كثيرة جداً لا يمكن حصرها، منها مثلاً أنها إذا حملت فإنها تمضغ أوراق شجر المخيط أو الحمحمية لتسهيل الولادة، وهذا التداوي يفعله البشر في كينيا أيضاً لأن تلك الشجرة لها تأثير علاجي، وكذلك امتلاكها للمشاعر.. فالفيل كائن ذو عاطفة جياشة ويبكي إذا مات ابنه أو فيل مقرب منه، ويدفن الفقيد ويفعل بعض طقوس الدفن والوداع كالوقوف الصامت أمام القبر فترة طويلة.. كائن رائع!.
«أوينو» أقدم حديقة حيوانات في اليابان، افتُتحت عام 1882م ولا زالت تعمل، من غرائبها أن اليابانيين لما أسقطوا طائرة حربية أمريكية في الحرب العالمية الثانية اعتقلوا قائدها حياً وعرضوه مجرداً من ثيابه في أحد أقفاص الحديقة ليتفرج عليه الناس! لكن ليس هذا سبب ذكرها هنا، وإنما في نفس الحرب أَمَرَ الجيش الياباني الحديقة في طوكيو أن تقتل كل حيواناتها الكاسرة والخطيرة، لأن الأعداء قد يقصفون المدينة وإذا أصاب الحديقة أي ضرر وهربت تلك الحيوانات صارت خطراً. حاول طاقم الحديقة إقناع قيادة الجيش بتأجيل الأمر أو على الأقل أن يسمحوا لهم بنقل الحيوانات إلى مكانٍ آخر ولكنهم رفضوا، فرضخوا وسمموا طعام الحيوانات المتوحشة والحيوانات الضخمة، فماتت السباع والأفاعي والذئاب ووحيد القرن وكل حيوان كاسر أو ضخم، كلها ماتت ما عدا الفيلة الثلاثة التي تملكها الحديقة، والتي لم ترتح لهذا الطعام وشعرت أن فيه خطراً عليها، فامتنعوا عن الأكل حتى مات الثلاثة جوعاً.
الفيل .. يا له من كائن مدهش وبديع الذكاء فعلاً!.