يعتبر تعليم وتوظيف الشباب والشابات من السعوديين من أهم القضايا التي يتم رصد أعلى المخصصات المالية لها في موازنة الدولة.. فقد بلغ حجم المخصصات لقطاع التعليم والتدريب بالمملكة في موازنة عام 2014م حوالي (210) مليار ريال، بما يعادل 25% من إجمالي الإنفاق العام تقريباً لخدمة ما يعادل 7.7 ملايين طالب بمراحل التعليم العام والعالي المختلفة.. أي ربع موازنة الدولة تذهب للتعليم والتدريب بهدف التوظيف.. أما وزارة العمل، فيكفي أن نعلم أن برنامج حافز لوحده يخصص له ما يوازي 36 مليار ريال لتقديم إعانة بطالة لما يوازي 700 ألف عاطل عن العمل، إلا إن تقرير صندوق الموارد البشرية يشير إلى أن أعداد المستحقين لإعانة حافز وصل إلى (1.4) مليون سعودي، والنسبة الأعلى منهم من النساء، خلافاً للعديد من البرامج والمخصصات الأخرى التي تنفذها وزارة العمل وصندوق التنمية البشرية.
وإذا كان الإنفاق على التعليم العام يسير على قدم وساق لتأسيس وتشييد المدارس في مراحل التعليم العام الثلاث، فإن عدد خريجي الثانوية العامة يزداد من عام لآخر، حتى بلغ حوالي (390) ألف طالب وطالبة في نهاية عام 32-1433هـ.. بشكل يضغط على مرافق التعليم العالي «الجامعات» لاستيعاب هذا العدد المتزايد، في ظل قدرات استيعابية بالجامعات «حكومي وأهلى» تصل إلى حوالي (329) ألف طالبة وطالبة.
أما الحلقة الثالثة من الضغوط، فهي تتأتى من قبل خريجي الجامعات أنفسهم، والذين يصل عددهم سنوياً إلى حوالي (121) ألف طالب وطالبة (حسب إحصاءات عام 1433هـ).
إذن يوجد مخصصات مالية سنوية ضخمة للتعليم والتدريب والتوظيف، في اعتقادي أنها إجمالا تتجاوز نحو ال (250) مليار ريال.. ويوجد ما يناهز (390) ألف طالبة وطالبة من خريجي الثانوية العامة يطالبون بأماكن بالجامعات، ثم يوجد سنويا (121) ألف خريج جامعي، يرغبون في وظائف عمل.. وفي ظل وجود رصيد لطالبي العمل حالياً بنحو (629) ألف سعودي، فإن هذا العدد مؤهل للزيادة سنويا بنحو (21) ألف سعودي، تحت افتراض أن مقدرة سوق العمل على استيعاب (100) مواطن ومواطنة بسوق العمل سنويا.
وخلال مجهودات وزارة العمل لتصحيح سوق العمل خلال الفترة الأخيرة، فقد تم توظيف ما يناهز (290) ألف سعودي خلال عام 2012م وحدها، وهذا إنجاز ينبغي الإشادة به، إلا أنه في نفس الوقت تم استقدام ما يناهز (1.7) مليون وافد جديد على منشآت القطاع الخاص، فضلاً عن استقدام (954) ألف وافد جديد كعمالة منزلية وللقطاع الحكومي، أي أنه خلال عام 33-1434هـ تم استقدام ما يناهز (2.7) مليون وافد للقطاع الخاص والحكومي والعمالة المنزلية.
إن الواقع الحالي يشير إلى أن القطاع الخاص يحتاج إلى وظائف لا يوفرها سوق العمل المحلي، بل إن توسعات القطاع الخاص وارتفاع مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي يتطلب المزيد من تنويع المهارات الفنية والمهنية أعلى منها مهارات أكاديمية أو علمية.. لذلك، فإنه رغم ارتفاع أعداد تصحيح العمالة المخالفة، ورغم ارتفاع أعداد حالات الخروج النهائي للمخالفين، إلا إن إقبال منشآت القطاع الخاص (بل والقطاع الحكومي) أيضاً على استقدام المزيد من الوافدين أصبح يتزايد.
من هنا، إجمالاً، فإن معدل نمو السكان من غير السعوديين حقق نمواً أعلى من نظيره للسعوديين، فقد وصل لغير السعوديين في عام 2013م إلى (3.9%)، مقابل حوالي (2.2%) للسعوديين. وإذا كانت معدلات البطالة للذكور السعوديين حاليا تصل إلى 11.5%، وتصل للنساء إلى 32.4%، فإن التزايد الواضح في المسجلين لاستحقاق «حافز» يؤكد احتمالات ارتفاع أعداد طالبي العمل من السعوديين خلال السنوات المقبلة، وخاصة من الإناث.