بدأت القوات العراقية تتجاوز صدمة فقدان السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد، حيث تمكنت في الساعات الأخيرة أمس السبت من استعادة ثلاث نواح في محافظة صلاح الدين، ونجحت في صد زحف المسلحين في ديالى المجاورة.
وفيما تواصل تدفق آلاف المتطوعين لحمل السلاح تلبية لنداء المرجعية الشيعية، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي أن الحكومة منحته «صلاحيات غير محدودة» بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بينما أكدت السلطات في بغداد أن العاصمة تشهد عمليات استباقية.
في هذا الوقت، دخلت إيران الجارة الشيعية وحليفة المالكي، مجددا على خط النزاع العراقي، وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس السبت، أن طهران لا تستبعد تعاونا مع الولايات المتحدة إذا قررت واشنطن التدخل ضد الجهاديين في العراق.
وقال روحاني في مؤتمر صحافي «إذا رأينا أن الولايات المتحدة تتحرك ضد المجموعات الإرهابية، فعندئذ يمكننا التفكير»، مشددا في الوقت ذاته على أن «تدخل القوات الإيرانية لم يناقش» مع حكومة المالكي.
وجاء ذلك بعد أن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة أنه لن يرسل قوات برية إلى العراق لوقف هجوم المتطرفين السنة، لكنه سيبحث خيارات مختلفة أخرى «في الأيام المقبلة».
وقد أمرت الولايات المتحدة أمس السبت بإرسال حاملة الطائرات «يو.إس.إس جورج بوش» إلى الخليج بسبب الأزمة في العراق.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي إن الأمر الذي أصدره وزير الدفاع تشاك هيغل «سيعطي القائد الأعلى مرونة أكبر في حال تطلب الأمر شن عملية عسكرية أميركية لحماية أرواح أميركيين ومواطنين ومصالحنا في العراق».
وفي التفاصيل الميدانية، قال الفريق الركن صباح الفتلاوي قائد عمليات سامراء (110كلم شمال بغداد) في تصريح لوكالة فرانس برس إن «القوات العراقية استعادت السيطرة على ناحية الإسحاقي صباح السبت» التي تقع على بعد نحو 20كلم إلى الجنوب من سامراء.
وأكد ضابط برتبة عقيد في شرطة صلاح الدين سيطرة القوات العراقية على الناحية، مشيرا إلى أن «القوات العراقية سيطرت أيضا على الطريق الرئيسي بين بغداد وسامراء»، بينما أعلن ضابط برتبة مقدم العثور في الإسحاقي على 12 جثة محترقة تعود لعناصر في الشرطة.
وفي وقت لاحق، أعلنت مصادر أمنية أن القوات العراقية تمكنت من استعادة السيطرة أيضا على ناحية المعتصم التي تقع في المنطقة الجغرافية ذاتها.
وجاءت استعادة السيطرة على هاتين الناحيتين بعد ساعات قليلة من قيام عناصر من الشرطة المحلية بمساعدة السكان بطرد مسلحي تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق الشام» الذين يسيطرون مع جماعات مسلحة أخرى منذ مساء الاثنين على مناطق واسعة من شمال البلاد، من ناحية الضلوعية القريبة. وقتل أمس السبت تسعة من عناصر الأمن العراقي وأصيب 21 بجروح في هجوم شنه مسلحون على موكب لرئيس هيئة النزاهة علاء جواد قرب سامراء، كما قتل ثمانية من أفراد حماية نائب رئيس الوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي في هجوم مماثل وفي منطقة قريبة.
وفي محافظة ديالى، قال ضابط برتبة عقيد في الشرطة إن «قوات الجيش العراقي تسيطر بشكل كامل على ناحية المقدادية» الواقعة شمال شرق بعقوبة (60كلم شمال شرق بغداد)، بعد أن تمكنت من صد هجمات المسلحين التي تواصلت ليومين.
ولا يزال المسلحون يتواجدون في بعض مناطق المحافظة الواقعة شمال شرق بغداد، بينها أحياء في ناحية السعدية المتنازع عليها بين العرب والأكراد وأحياء في جلولاء المجاورة على بعد نحو 150كلم من بغداد.