اصطف الناخبون الأفغان أمام مراكز الاقتراع أمس السبت للإدلاء بأصواتهم في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية متحدين حركة طالبان لاختيار رئيس خلفاً لحميد كرزاي، لمرحلة ستغرق فيها البلاد في المجهول مع رحيل قوات حلف شمال الأطلسي بحلول نهاية 2014.
وقال الحلف الأطلسي والسلطات الأفغانية إن صاروخين تبنت حركة طالبان إطلاقهما أصابا منطقة بالقرب من مطار كابول قبل أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة السابعة، لكنهما لم يسفرا عن سقوط ضحايا.
وتشكل هذه الانتخابات أول انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين بطريقة ديمقراطية في تاريخ أفغانستان، وتُعد اختباراً كبيراً لهذا البلد الفقير الذي تسيطر طالبان على أجزاء كبيرة منه، ولم يتمكن تدخل عسكري غربي من القضاء على تمردها.
ودُعي الناخبون الأفغان للإدلاء بأصواتهم في هذه الدورة لاختيار أحد مرشحين رئيساً للبلاد من كل من: عبد الله عبد الله المتحدث السابق باسم القائد أحمد شاه مسعود العدو التاريخي لطالبان، الذي تصدر الدورة الأولى (45 في المئة من الأصوات)، ويعتبر الأوفر حظاً، أو أشرف غني الخبير الاقتصادي السابق في البنك الدولي (31,6 في المئة).
وفي كابول تنتشر قوات أمنية كبيرة في الشوارع إلى جانب القوات الأفغانية التي وضعت في «حالة تأهب قصوى»، وأكدت تصميمها على إفشال أي محاولة هجوم لطالبان.
ونُشر نحو 400 ألف جندي وشرطي في كل البلاد، بينما أكدت القوة الدولية التابعة لحلف شمال الأطلسي (ايساف) استعدادها للتدخل في حال الضرورة. وكانت حركة طالبان التي تعارض بشدة هذه الانتخابات، وتعتبر أنها موجهة من قبل واشنطن، قد توعدت هذا الأسبوع بشن هجمات مكثفة طيلة يوم الانتخابات.
لكن - كما حدث في الدورة الأولى - لا يبدو أن العنف يخيف الناخبين. وقال أحمد جويد (32 عاماً)، وهو طالب: «سمعنا بالفعل بعض الانفجارات في المدينة، لكنها لا تخيفنا، وهذا لن يمنعني من التصويت لأقرر مستقبل بلدي».
وبينما كان الناخبون يشكلون صفوفاً أمام مراكز الاقتراع ضرب زلزال تبلغ شدته 5,4 درجة شمال شرقي البلاد، كما أعلن المعهد الأمريكي للجيوفيزياء، إلا أنه لم تسجل أي خسائر على الفور.
وسيشكل هذا الاقتراع نهاية عهد كرزاي الرجل الوحيد الذي قاد أفغانستان منذ سقوط حركة طالبان في 2001. وأدلى الرئيس المنتهية ولايته أمس السبت بصوته في مدرسة قريبة من القصر. وقال «اذهبوا للتصويت! اذهبوا للتصويت».
وأضاف «بمشاركتكم في الانتخابات ستسمحون لأفغانستان بالتوجه إلى مزيد من الاستقرار». وتعهدت السلطات الانتخابية بمكافحة التزوير الذي شاب الانتخابات الرئاسية السابقة في 2009، لكن في مؤشر على قلق دولي حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة يان كوبيس مؤيدي المرشحين من حشو صناديق الاقتراع.
وقال كوبيس: «لا ترتكبوا عمليات تزوير، ولا تستخدموا الترهيب، ولا تلجؤوا إلى التلاعب لمصلحة مرشحكم».
وكان عبد الله عبد الله الذي نجا الأسبوع الماضي من هجوم انتحاري استهدف موكبه، وأسفر عن 12 قتيلاً في العاصمة الأفغانية، قد حذر من أن التزوير سيمنعه من الوصول إلى الرئاسة.
ومع أن عمليات التزوير كانت كبيرة في الدورة الأولى إلا أنها لم تؤثر في النتائج بشكل أساسي.
لكن قد يكون لها تأثير مدمر في هذه الدورة؛ إذ إن المرشحين سيتنافسان بشكل متساو للحصول على أصوات الناخبين. وستنشر النتائج الموقتة لهذه الانتخابات الطويلة؛ إذ إن أكثر من شهرين يفصلان بين دورتَيها، في الثاني من تموز/ يوليو قبل إعلانها نهائياً في 22 تموز/ يوليو.