بدأ غالبية رجال الأعمال المتميزين حياتهم العملية في مرحلة الشباب المتقدم، وعانى أكثرهم من قسوة الحياة، والمنافسة مع محترفي التجارة، والتهميش المتعمد، وربما الاستهزاء بطموحهم الريادي ومغامراتهم الجريئة في قطاع الأعمال.
يلعب الطموح والمغامرة دوراً رئيساً في تشكيل شخصية الشاب المبادر والمهتم بالتطوير، والابتكار.
المغامرات المحسوبة والمنضبطة تُسهم في التطوير وإحداث التغيير الإيجابي، خصوصاً في قطاع الأعمال الذي يحتاج دائماً إلى مبادرات جريئة، وابتكارات خلَّاقة قادرة على تحقيق النمو وتعظيم الدخل.
الشباب في حاجة دائمة إلى الاحتضان والتوجيه، فطاقاتهم المتدفقة، ورغباتهم الجامحة في التطوير، وإثبات الوجود تستدعي توفر القيادة الحكيمة القادرة على استثمار تلك الطاقات، وصقل المواهب، وإزالة المعوقات لضمان تحقيق النتائج الإيجابية.
شباب الأعمال، ليسوا مختلفين عن باقي الشباب، إلا من حيث بيئة الاحتضان واهتماماتهم العملية، فعنصرا الطموح والمغامرة مغروسان في شخصية غالبية الشباب بغض النظر عن اهتماماتهم، وتوجهاتهم الفكرية، ما يجعلهم أكثر حاجة للاحتضان والتوجيه الإيجابي.
أُتابع بسعادة، لقاءات الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز، أمير المنطقة الشرقية، مع الشباب باختلاف اهتماماتهم، ورعايته بعض أنشطتهم، ووجدت فيها اهتماماً غير مسبوق، وتوجيهات مثمرة، وتمكيناً متوافقاً مع رغباتهم، وأمنياتهم وطموحهم المستقبلي.
في الغالب، تكون لغة الحوار المستخدمة، أقرب إلى روح الشباب منها إلى الخطابات البروتوكولية الرسمية.. ولا أبالغ إذا ما قلت إن بعض تلك اللقاءات، تتحوَّل أجواؤها تدريجياً إلى، الطابع الاجتماعي الأسري، الذي ينزع عنها هيبة اللقاء، ويجعلها أكثر فائدة من حيث التواصل والاستماع بشفافية مطلقة لأمنياتهم وتطلعاتهم المستقبلية.
أكثر من سبع مناسبات متتالية خُصصت للشباب خلال أسبوعين فقط، تنوعت بين لقاء وتكريم ورعاية وتخريج،
وتوجت بلقاء مفتوح مع مجلس شباب أعمال المنطقة الذي شُكّل حديثاً من خمسين شاباً، وهو عدد كبير يعكس الرغبة الجامحة في احتضان الشباب ودعمهم بما يحقق الفائدة لهم ولأسرهم ولمجتمعاتهم وللوطن بشكل عام.
الثقة بالشباب، وبقدرات رواد الأعمال من أهم محفزات النجاح.
أخبرني أحد الأصدقاء بقصته مع ابنه المبتعث.. يقول: كنت أودعه في المطار فتزاحمت أفكار التوجيه والتحذير والتحفيز في عقلي، دون أن أتمكن من إخراجها.. حتى هداني الله إلى أن أقول له «إنني لن أوصيك فأنا أثق بك».. ثم وَدَّعتَهُ واستَودَعتَهُ خالقي.
وبعد عودته متوّجاً بالنجاح العلمي والفكري والعملي، قال لي: «إن كلماتك الأخيرة وثقتك بي قادتني لتحقيق النجاح الذي ترى».
كلمات معدودات قد لا نُلقي لها بالاً، ربما صنعت النجاح في من لا يمتلك مقوماته، ولعلها سلبته ممن خُلق ناجحاً منذ ولادته.
تذكرت تلك القصة حين خاطب الأمير سعود بن نايف شباب الأعمال بقوله: «إنني أرى في كل واحد منكم مشروعاً تنموياً، وأنتم - باذن الله - بما تهيأ لكم من إمكانات قادرون على تحقيق ذلك».
رواد الأعمال في المملكة، وبما يحملونه من فكر وعزيمة ومبادرة، يمثّلون مشروعات تنموية وارفة سيتنعمون بظلالها، وسيقطفون ثمارها مستقبلاً، وسيزهو بها الوطن، ويتطور.
التعامل الحذق مع الشباب بشكل عام، ورواد الأعمال بشكل خاص يسهم في توجيه طاقاتهم لتحقيق غاياتهم النبيلة، ومصلحة الوطن والمواطنين.
يُشكِّل الشباب النسبة السكانية الأكبر في المجتمع، ما يجعلهم مطلبا مُلحاً في التنمية، إلا أن التعامل معهم وفق الطرق التقليدية قد لا يساعد على تفجير طاقاتهم، وتوجيهها التوجيه الأمثل.. التعامل معهم وفق رؤيتهم الخاصة لا رؤية الآخرين، بات من ضروريات العمل المحقق للنجاح.. آلية التعامل معهم، وفق رؤيتهم الخاصة، من المتطلبات الأساسية لديهم، وقد تأتي بنتائج إيجابية مختلفة، وإن ثبتت القوانين المؤطرة لتلك الآليات.
الحديث عن الاقتصاد المعرفي، ووضعه ضمن إستراتيجياتنا الوطنية المُلحة، يقودنا إلى الاهتمام بشكل أكبر بالشباب، فهم عماد الاقتصاد المعرفي.. قائمة أغنياء العالم لا تخلو من الشباب المبدعين الذين لم تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً.. أثرياء شباب دخلوا نادي الأغنياء في سن مبكرة، ومنهم مارك زوكربيرغ مؤسس فيسبوك الذي تجاوزت ثروته 18 مليار دولار، وداستن موسكوفيتز، وغيرهم.. ريادة الأعمال يفترض أن تتحول إلى ثقافة عمل وإبداع وتطوير وابتكار كي تحقق غايتها، وهذا ما نرجوه من رواد الأعمال، وشباب المملكة.