Tuesday 10/06/2014 Issue 15230 الثلاثاء 12 شعبان 1435 العدد
10-06-2014

مستقبل مصر .. مرتهنٌ بالأمن والاقتصاد

العبور بمصر إلى بر النجاة يستدعي المرور من قناتي الأمن والاقتصاد. أكثر من 94 مليون نسمة في حاجة إلى الغذاء والمياه والطاقة والخدمات والعمل الكريم. ليس بالأمر الهَيِّن التعامل مع تلك المتطلبات الملحة. والاستحقاقات العاجلة. أُسدل ستار الانتخابات؛ ودخل الرئيس عبدالفتاح السيسي القصر الجمهوري مدعومًا بأصوات ناخبية؛ ومجموعة مؤثِّرة من زعماء العالم الذين احتشدوا في يوم تنصيبه رئيسًا على مصر.

تهنئة الرئيس المصري يفترض أن تُستبدَّل بالدعوات الصادقة مقرونة بالعمل على دعم مصر وشعبها ورئيسها المنتخب. فتركة السنوات الماضية ثقيلة؛ وتداعياتها مؤلمة؛ وموازنة الدَّوْلة تشتكي العجز الدائم. لا مجال للاختلاف؛ مصر العروبة ليست ملكًا للرئيس الحالي؛ ولا السابق؛ بل هي ملك للشعب؛ وسند للدول العربيَّة وعمقها الإستراتيجي.

من أراد لمصر الاستقرار والنهوض والتقدم فليمد لها يد العون والمساعدة؛ فهي في أمس الحاجة إلى دعم الأشقاء والأصدقاء؛ وأكثر طلبًا لدعم أبنائها في الداخل والخارج؛ والدعم لا يعني المال فحسب؛ بل يعني أيضًا؛ التكاتف؛ والوحدة الوطنيَّة؛ والاتفاق على ضرورة عبورها نفق الاختلاف والمواجهة؛ وتجاوزها مكائد المتربصين؛ وخططهم المشؤومة.

لا يُدرِك معنى الأمن إلا من فقده؛ وضياع الأمن في ليبيا وسوريا والعراق؛ يجب أن يوقظ قلوبًا غافلة؛ ويفتح عيونًا مغلقة؛ ويوقف المغامرين؛ بمستقبل الشعوب العربيَّة؛ عند حدهم. الأمن من نعم الله الظاهرة؛ بل هي النعمة الأهم؛ الحاضنة لباقي النعم. الرئيس السيسي شدد في خطابه؛ على أن: «دحر الإرهاب وتحقيق الأمن على رأس أولوياتنا في المرحلة القادمة». مرحلة حساسة يجب أن يستقر فيها الأمن؛ دعمًا للاقتصاد المصري الذي يعاني كثيرًا بسبب الأحداث الأخيرة. هناك وعود كثيرة لدعم الاقتصاد؛ واستثمارات ضخمة تنتظر استتباب الأمن والاستقرار ودوران عجلة الاقتصاد قبل دخولها السوق المصريَّة؛ وسائحون كُثر أبدوا رغبتهم في دعم مصر من خلال أهم قطاعاتها الداعمة وهو قطاع السياحة. تشكّل الأوضاع الماليَّة العقبة الأكبر أمام الرئيس الجديد. معالجة الوضع المالي ليس بالأمر الهين؛ فمن الناحية العملية يمكن ضبط الوضع المالي بزيادة الضرائب؛ وتقليص الإنفاق على الدعم الحكومي؛ إلا أن التعامل معهما أمر محفوف بالمخاطر. فالوضع السياسي العام؛ والرغبة الجامحة في تحقيق الأمن والاستقرار؛ قد لا يسمح بزيادة الضرائب أو تقليص الدعم بشكل أكبر؛ ما يعني ضرورة الاعتماد على المساعدات الماليَّة مؤقتًا، لسد العجز؛ مع المضي قدمًا في معالجة الاقتصاد. إصلاح الاقتصاد هو التَّحدِّي الأكبر؛ فالمعونات الماليَّة المُتدفِّقة قد تساعد في معالجة عجز الموازنة؛ إلا أنها لن تستطيع إصلاح الاقتصاد من الداخل؛ كما أن استمرارها بالحجم الحالي أمر لا يمكن الاعتماد عليه. المساعدات الماليَّة ستحقق تحسنًا وقتيًّا في الوضع المالي؛ إلا أنها لن تنجح في تحقيق الدعم المستدام للاقتصاد. إدارة الاقتصاد يجب أن تخضع لمعايير كفؤة ومشددة تَضمَّن بإذن الله النتائج الجيدة. الاستثمارات الأجنبية من الحلول المهمة ولا شك؛ إلا أنها في حاجة ماسَّة إلى تحسين بيئة الاستثمار؛ التي تضررت كثيرًا خلال الثلاث سنوات الماضية. توفير الضمانات الحكوميَّة للاستثمارات الأجنبية كفيل بفتح الباب على مصراعيه لاستثمارات صناعيَّة؛ سياحيَّة؛ عقارية؛ زراعيَّة نوعية قادرة على تحقيق الدعم، وتوفير الوظائف والفرص الاستثمارية الصَّغيرة للمصريين. المحافظة على سعر صرف الجنيه أمر غاية في الأهمية؛ فتكلفة الاستيراد باتت متضخمة؛ وهذا يثقل من كاهل الحكومة والشعب في آن. توسع السوق السوداء يضر بالاقتصاد؛ ويتسببي إشكالات كثيرة للبنك المركزي الذي يعاني نقصًا في العملات الصعبة. الشراكة بين الحكومة وقطاع المال والأعمال سيسهم في تحقيق بعض الاستقرار المالي؛ في الوقت الذي تسهم فيه ودائع الدول المساندة؛ في تكريس الاستقرار المالي؛ والمحافظة على سعر العملة. تجاوزت مصر مرحلة الخطر؛ وهي في حاجة ماسَّة لتجاوز المرحلة الأهم ذات العلاقة بالأمن والاقتصاد؛ وهي مرحلة لا يمكن للحكومة المصريَّة تجاوزها دون دعم الأشقاء والأصدقاء والشعب المصري الذي سيكون أكثر الكاسبين مستقبلاً. مستقبل مصر يفترض أن يكون من أهم أولويات الدول العربيَّة؛ دون استثناء؛ وعلى رأسها السعوديَّة التي لم تتردد من قبل؛ في مواجهة الغرب من أجل ضمان أمنها واستقرارها؛ ووحدة أراضيها؛ وها هي تقف اليوم معها ومع شعبها بكلِّ قوة وإصرار؛ ولا أبلغ من تصريحات الأمير سلمان بن عبدالعزيز؛ نائب خادم الحرمين الشريفين؛ التي جاء فيها: «المملكة العربيَّة السعوديَّة ستبقى؛ حكومة وشعبًا؛ أخًا وفيًّا يقف جنبًا إلى جنب مع مصر الشقيقة في الشدة والرخاء».

حمى الله مصر من كل شر؛ ورزقها كل خير؛ وأنعم عليها بالأمن والاستقرار.

f.albuainain@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب