علاقة السائقين على الخطوط الطويلة بالكوتش ساهر اختلفت كثيرا عن زمن البدايات، كانت علاقة ممزوجة بالكراهية الشديدة لهذه الكاميرات المتسلطة, ومترعة بالعدوانية المتطرفة وهي عدوانية وصلت للتحطيم والتكسير، ثم تحولت العلاقة إلى محاولات التمويه على تلك الكاميرات المتربصة بإخفاء أرقام اللوحات عن عيون ساهر الزرقاء بطمسها تارة بالطين وتارة بوضع اللاصق لتصبح نظرة ساهر غير فاحصة، فأصبح ينظر بنصف عين أصابها الرمد، لكن يبدو أن المهيمنين على ساهر لم يرضوا بتلك الحركات الصبيانية فعمدوا إلى تطوير الكاميرات لتعزيز قدراتها على الرصد الدقيق بالتغلب على طرق تمويه وخداع المتهورين بابتكارهم طرقا تردع المتسلط ساهر وتشل كاميراته.
وهنا كان لا بد من ابتداع طريقة أكثر مناسبة وذلك بتعاون كل الفرقاء للتنبيه والتحذير في حال المرور بالقرب من كاميرا منتصبة في قارعة الطريق لكسب النقود من جيوب الغافلين والمتهورين.
في بدايات ساهر لا حديث للناس في المجالس إلا عن هذا الضيف الثقيل على المتهورين ومنتهكي النظام والذي حل بالديار مقيما ما أقام عسيب، وبالمناسبة المذكور عسيب جبل عظيم لن يتحرك من مكانه إلا بنهاية الدنيا وهذا الحال ينطبق على ساهر إذ استمر في التوالد والتكاثر حتى انتشرت كاميراته في كل طريق، وبالعشرات وصار أمر بقائه بشموخه وكبريائه لا مفر منه، ولسان حال عراب ساهر الأخ اللواء عبدالرحمن المقبل وبقية فريق عمله المناضلين يقول ويكرر لعل في فرض الإتاوات الثقيلة على المخالفين وحاصدي أرواح البشر ما يقمع شهوانيتهم المفرطة للتدمير وإرهاب البشر، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم فقد يدرب ساهر مرعبي الناس في الطرق ويروضهم ليتحولوا إلى حملان وديعة ! القناعة لدى مسيري النظام أن الكوتش قد نجح في مهمته عبركل الطرق السريعة، والشوارع داخل المدن، وأن كاميراته قد نجحت بامتياز في الرصد والتصوير وجبي الفلوس من الجيوب، وحين تسألهم ما المؤشر على نجاحكم يا قوم يجيبونك بسرعة تسبق البرق مؤشر نجاحنا أيها السائل النجيب الانخفاض الملحوظ في نسبة الحوادث عاما بعد عام، وهذه النسب المبشرة ما كان لها أن تتحقق لولا الرصد المستمر واستيعاب الناس وتكيفهم مع النظام ؟ سؤالنا الآن هل فعلا نجح الكوتش ساهر في ترويض المتهورين، وقلل من نسب الحوادث وهو ينصب عشرات الكاميرات في كل الطرق، وهل تكيف الناس مع النظام وأصبحوا يسيرون بهدوء يحسدون عليه، وبانسيابية قل أن نجدها إلا في الدول المتقدمة مرورياً؟ من مشاهداتي الشخصية على الأقل أرى أن كل متهور حتى هذه اللحظة مستمر في تهوره وسرعته التي تخيف الحديد قبل البشر وتتسبب في الحوادث المرعبة وكل ما تغير أن التحالف بين السائقين بدأ يزداد، والتعاون غدا شعار الجميع، فقبل وصول السيارات إلى موقع الكاميرا تبدأ التنبيهات والتحذيرات بكل الوسائل المتاحة، ولو قدر لأحدهم أن يفتح النافذة ويلوح بشماغه لفعل.
بالطبع كل السائقين مستفيدون من التعاون على ساهر لكنه تعاون لا يحقق أماني الجميع بإيقاف التهور! والمرور مهما فعل دون محاولة دراسة الملاحظات على النظام سيظل في موقف الجابي لا المدرب على التقيد بالنظام عن قناعة وطيب خاطر.